تشهد مدينة جميلة الأثرية، التي تبعد بحوالي 50 كلم شمال شرق مدينة سطيف، والمعروفة باسم مدينة كويكول الأثرية، خلال هذه الأيام، إقبالا كبير للسيّاح الوافدين على ولاية سطيف، لما تتسم به من شهرة تعدت حدود الوطن، حيث يكتشف كل من يزور هذه المدينة الأثرية الدقة الكبيرة في اختيار الموقع الذي احتضن مدينة تأسست في أواخر القرن الأول تعتبر جميلة متحفا كبيرا يتربع على مساحات شاسعة، كما يحتوي على كنوز أثرية تعبر في مجملها على حقبة من التاريخ وتخلّد خطوات الرومان بهذه المنطقة، فلم تطأ رجل مفكّر، عالم، شاعر أو مسؤول مدينة سطيف، إلا وطلب زيارة خاصة لمعلمي عين الفوارة أو منطقة جميلة الأثرية التي تحتوي على فسيفساء تاريخية تصور الآثار مدينة أحياؤها حسنة التنسيق والزخرفة، وشوارعها محفوفة بالأروقة، توجد بها ساحتان عموميتان أولهما تعتبر مركز الحياة السياسية للمدينة، بها قاعة اجتماع مجلس الشيوخ والمحكمة ومعبد فينوس، تقع هذه الساحة العمومية على جانب الطريق أو الكاردو الرئيسي شرقا وهي ساحة مبلطة طولها 48 م وعرضها 44 م. وكانت قد نصبت على بلاط الساحة تماثيل عديدة نقشت عليها اهداءات تشهد على الإخلاص للأباطرة وعلى ذوق التباهي والتفاخر لدى البرجوازية الإفريقية، وما زالت ظاهرة للعيان لحد الآن، أما الثانية فكانت تسمى بساحة الجنوب، وتعتبر حديثة النشأة بالنسبة للأولى، فقد بنيت الساحة الثانية بسبب ضيق المساحة والتوسع العمراني، حيث تشرف على الساحة بنايتان عظيمتان هما “قوس النصر” الذي أقيم عام 216 م على شرف الإمبراطور “كاركلا”، الذي أعيد ترميمه اليوم وكان يستخدم كمدخل للساحة، والمعبد الكبير الذي شيد سنة 229م تكريما وتخليدا لأسرة “سيفي روس” والذي يتقدمه مدرج أو ما يسمى “المسرح” الذي حفر في هضبة تستند إلى مقاعد المدرجات والمحاط بجدران من حيث هو موجه للخشبة بقصد الحصول على صدى جيد للأصوات، وهذا المسرح يحفظ إلى الآن. ونجد في جميلة عدة منازل فاخرة، البعض منها في المدينة القديمة ترجع لبعض الملاك والأغنياء أمثال ياخوس، أوربا، كاستريوس التي بنيت داره على أرض مساحتها 1600م⊃2; وهو أحد الحاكمين مع لوسيوس كولود يوس بروتو. وعلى غرار كل المنازل الغنية كان منزل كاستريوس ينتظم حول باحة داخلية يحفها رواق معمد تحيط به غرف مختلفة، كما توجد بها حمامات في الجنوب المتجهة من الشرق إلى الغرب، بالإضافة إلى الدكاكين والأسواق، حيث كانت دكاكين كوزلينيوس في الجميلة شبيهة بدكاكين تيمقاد، ولكنها أكثر خزفا. كما كان لهذه السوق رواق خارجي مرفوع على ستة أعمدة وبِركة وغرفة للموازين وتماثيل للمؤسس وأخيه والإله “مركور”، وقد وجدت الكثير من الوسائل والأواني التي كانوا يستعملونها والدالة على طريقة عيشهم في تلك الحقبة، بالإضافة إلى الحلي التي كانت مدفونة هناك.