يتفق المراقبون للمشهد التونسي على أن هناك ثلاثة ملفات أساسية لا تزال ترهق التونسيين، بعد نصف عام من ثورة الشارع ضد النظام التي أدت إلى رحيل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. ففي وقت يأمل الاقتصاد التونسي المرتبط أساسا بالسياحة في عودة الأمن والاستقرار إلى جميع أرجاء تونس يصف حقوقيون تونسيون جهود القضاء التونسي لمحاكمة بن علي في عدة قضايا تبدأ بالفساد وتنتهي بقتل المتظاهرين، بالمستحيلة سيما فيما يخص تطبيق الأحكام ضد بن علي المحتمي بنظام المملكة السعودية التي لم تعلق على مطالب المنظمات التونسية تسليمهم بن علي. فضلا عن محاكمة ”الهارب” فإن عجلة الزمن التي تدور بسرعة وسط هذه المعطيات السابقة فإن إجراء انتخابات تشريعية تنقل تونس نحو مرحلة التغيير الحقيقي لايزال يشكل هاجس التونسيين. تتحدث تقارير وكالات الأنباء العالمية أن مؤشر اتجاه تونس إلى بر الأمان والتغيير الحقيقي لم يحن، بعد إعلان فؤاد المبزع، الرئيس التونسي المؤقت لتونس، تمديد حالة الطوارئ في تونس إلى أجل غير مسمى، وهو القرار الذي يأتي وسط موجة من الاضطرابات الاجتماعية والأمنية التي لا تزال تعصف بتونس منذ سقوط بن علي قبل ستة أشهر. وشهدت تونس في الفترة الأخيرة مبادرات عدة لإقامة تحالفات بين عدد من الأحزاب لتشكيل أُطر سياسية، اعتبرها البعض بديلا عن الهيئة التي يفترض أن تضم مختلف الأطياف السياسية للمجتمع التونسي، بهدف إنجاز عملية التحول الديمقراطي في البلاد. وأعلن عدد من الأحزاب التونسية تأسيس ”مبادرة من أجل الجمهورية” دعوا من خلالها إلى تشكيل لجنة وطنية مكونة من رجال قانون تقوم بصياغة دستور جديد للبلاد، فيما أعلن زعيم حزب ”المؤتمر من أجل الجمهورية” عن نيته تأسيس ”جبهة وطنية” تضم عددا من الأحزاب السياسية في البلاد. ويلمح البعض إلى أن توقيت انسحاب بعض الأحزاب السياسية من الهيئة جاء بعد طرح مشروع يناقش مصادر تمويل الأحزاب، في ظل اتهامات لبعض الأحزاب بتلقي تمويل من مصادر أجنبية.ويرى بعض المتفائلين أن القرار الأخير هو ”مجرد إجراء روتيني” ضروري لاستتباب الأمن لحين إنجاز انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر المقبل، التي يفترض أن تنقل تونس إلى مرحلة جديدة تضمن الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ضمن نظام ديمقراطي جديد.لكن بعض المراقبين يبدون تخوفهم من المستقبل وسط التجاذبات السياسية الكبيرة بين بعض الأطراف، وظهور بوادر انشقاق في الهيئة العليا للانتقال الديمقراطي، والاتهامات المتبادلة بين الحكومة وبعض الأطراف الدينية واليسارية بمحاولة الالتفاف على الثورة وتقويض ”المسار الديمقراطي” الذي تنتهجه البلاد. كما يُطرح العديد من التساؤلات في تونس حول جدوى محاكمات الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، خاصة بعدما صدرت في حقه العديد من الأحكام، ولم يتم تنفيذها لعدم وجوده في تونس. ويواجه الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي اللاجئ في السعودية سلسلة محاكمات في بلده، حيث خضع لثلاث محاكمات في شهر، وصدرت في حقه بالفعل أحكام بالسجن 66 عامًا، فيما توجد نحو مئة قضية في مرحلة التحقيق، لكن الكثيرين يتساءلون عن جدوى هذه المحاكمات.