بعد انقضاء 3 أسابيع عن شهر رمضان لم يلمس المواطنون، بمختلف ولايات الوطن، أي تأثير ملموس للإجراءات التي وعدت الحكومة باتخاذها لتنظيم السوق الوطنية، ضبط الأسعار وتوفير المواد الغذائية الضرورية، مثل اللحوم والزيوت، بأسعار معقولة وفي متناول جميع شرائح المجتمع المتواضعة الدخل بولنوار: 20 ألفا من بين 50 ألف طن من قطع الغيار المسوقة محليا مقلدة كانت هذه وعود وزير التجارة، مصطفى بن باد، قبل أسبوع عن بداية رمضان، ليختفي الوزير بعدها دون أن يقدم أية توضيحات للمواطنين حول أسباب التهاب أسعار كل المواد الغذائية وغيرها، في اليوم الأول من رمضان، الذي كان بمثابة الصدمة لجميع أرباب الأسر والعائلات، التي فوجئت بتضاعف أسعار الخضر والفواكه وارتفاع أسعار اللحوم البيضاء والحمراء، حيث وصل سعر الكلغ من الدجاج إلى 300 دج، في حين لم يظهر أي اثر للآلاف من أطنان اللحوم الحمراء، التي قالت الحكوم، على لسان وزير التجارة، أنها استوردتها لتغطية كل احتياجات السوق في رمضان وجر الأسعار نحو الانخفاض، وهو الأمر الذي لم يحدث أبدا. وفي الوقت الذي يشارف فيه شهر رمضان لهذه السنة على الانتهاء، مثلما كان الحال خلال السنة الفارطة، يتساءل المواطنون كيف يمكنهم مواجهة أعباء ومصاريف عيد الفطر والدخول المدرسي القادم، بعد أن قضى المضاربون وبارونات السوق على آخر ما تبقى من دنانير رواتبهم الهزيلة، ليبقى السؤال الذي يطرحه الجميع، أين ذهبت الحكومة في رمضان؟.. ولماذا يجازف وزير التجارة مصطفى بن بادة بتقديم الوعود علنا ورسميا للمواطنين، بضبط السوق والتحكم في الأسعار وتوفير المواد، وهو غير قادر على الوفاء بها، في ظل وجود قوى المضاربة والسوق السوداء، التي أصبحت لوبيات أقوى من سلطة الوزير والحكومة، هي اللاعب الوحيد والمتحكم الحقيقي في ميكانيزمات السوق على جميع مستواتها. كما لم تفلح التعليمات والإجراءات التي أعلن عنها وزير التجارة منذ شهر رمضان الفارط من السنة الماضية لإجبار التجار على وضع الأسعار على المنتوجات ولا تدابير إرغامهم، بقوة القانون، على إجراء معاملاتهم بالفواتير، كل هذه الإجراءات فشلت، لتبقى السوق أكبر ميدان امتحان لمصداقية الحكومة وهيئات رقابتها، التي تبخرت أمام قوة المضاربين وبارونات السوق السوداء، من تجار الجملة والمستوردين، الذين اثبتوا مرة أخرى للحكومة أنهم هم من يسير السوق والاقتصاد. الاتحاد العام للتجار: المستوردون هم المسيطرون على السوق بدل الحكومة كشف الناطق باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين، حاج طاهر بولنوار، أن التحقيق الميداني الذي قام به اتحاد التجار، خلال شهر رمضان، بيّن أن علاقة المستوردين بالمضاربين في السوق السوداء قوية ومترابطة، لدرجة أنها أصبحت تهدد بالقضاء على ما تبقى من الاقتصاد الوطني. وأوضح ممثل اتحاد التجار أن المستوردين هم الممونون والمسيرون الحقيقيون لشبكات السوق الموازية في البلاد، لجميع المواد الاستهلاكية من المنتجات الغذائية إلى غيرها من البضائع، حسب الدراسة الميدانية التي أجراها عدد من التجار من أعضاء الاتحاد شملت العديد من الموزعين وتجار الجملة، كشفت أن عدد المستوردين الذين يتعاملون مع تجار السوق الموازية في ارتفاع وتزايد مذهل. وكشفت الدراسة المذكورة أن هؤلاء المستوردون، وهم رجال أعمال، يفضلون التعامل في السوق السوداء، بالنظر للفوائد والمنافع التي يتحصلون عليها، من خلال تسويق بضائعهم بطريقة سهلة في السوق الموازية، دون تحمل متاعب المرور على السوق الشرعية، التي تفرض التعاملات بالفواتير وتضع المستوردين تحت رقابة مصالح الضرائب. هذه الوضعية أفرزت حالة تخوف لدى التجار الشرعيين، الذين أصبحوا يخشون أن يقطع المستوردون تعاملاتهم معهم، ويوجهون بضاعتهم للسوق الموازية ويتوقفون عن تموينهم بالبضائع التي يحتاجونها. وخلصت ملاحظات اتحاد التجار إلى أن هؤلاء المستوردين أصبحوا يشكلون، بممارساتهم التجارية المشبوهة، خطرا على الاقتصاد الوطني، خاصة وأن الآلاف منهم أصبحوا متخصصين في استيراد البضائع المقلدة التي اغرقوا السوق الموازية بها، حيث بينت إحصائيات اتحاد التجار أن رجال الأعمال من المستوردين يقومون بالاتصال بشركات صينية، مختصة في صناعة البضائع المزيفة المقلدة، ويستوردون منها كل ما هب ودب. وأشار نفس المسؤول انه وعلى سبيل المثال فإن 60 بالمائة من التبغ، و40 بالمائة من مواد التجميل، الموجودة في السوق الجزائرية مزيفة، والأخطر من كل هذا، يضيف نفس المصدر، فأن 20 ألف طن، من بين 50 ألف طن، من قطع الغيار الميكانيكية، الموجهة للسيارات والمستوردة سنويا إلى الجزائر، هي مقلدة. كل هذا يحدث في وضح النهار، عبر موانئ البلاد، دون أن تتحرك الدولة تجاه هؤلاء المستوردين الطفيليين، بحيث لا تراقب مصالح الدولة سوى التجار والموزعين الصغار في حين تقدم التنازلات تلو الأخرى للمستوردين، خاصة بعد أحداث " أزمة الزيت والسكر" في جانفي الماضي، وحذر اتحاد التجار من أن استمرار تقاعس الدولة وفقدان سيطرتها، سيجعل المستوردين يمرون إلى مرحلة أخرى من الجرأة يجردون فيها الحكومة من كل قراراتها، وهي البوادر الخطيرة التي بدأت تظهر خاصة بعد تراجع الحكومة عن قرار إجبارية تعميم استعمال الصك البنكي في جميع المعاملات التجارية التي تتجاوز قيمتها 500 ألف دينار جزائري. واعتبر بولنوار أن التحالفات والمصالح القائمة بين المستوردين والسوق الموازية ولوبيات التجارة المقلدة في تزايد مقلق، حيث يخشى أن يتحول هؤلاء إلى قوة مالية ضخمة منظمة، ستجهز وتقضي لا محالة على ما تبقى من الاقتصاد الوطني، بالنظر لحجم الأموال الضخمة المتداولة في السوق الموازية، والمقدرة بحوالي 100 مليار بالعملة الصعبة. ويقدر عدد شركات التصدير والاستيراد المسجلة لدى مصالح التجارة ب 30 ألف شركة منها 25 ألف شركة تمارس الاستيراد فقط.