أكد الأستاذ خير الدين مراد بودية مختص في أمراض القلب والشرايين بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية مصطفى باشا أن أمراض القلب والوفيات التي تتسبب فيها توسعت إلى فئات عمرية شابة بالجزائر ما بين 30-40 سنة، مرجعا أسبابها إلى قلة الوقاية من العوامل المتسببة فيها والتحسيس بمخاطرها. ورغم أن الجزائر خطت خطوات كبيرة في مكافحة أمراض الرثية (الروماتيزم) للتخفيض من مخاطر أمراض القلب، إلا أن هذه الأخيرة “لا زالت تزحف نحو فئات شابة من المجتمع نتيجة تعرضها إلى أمراض أخرى تؤدي إلى أمراض القلب”. وأرجع السيد بودية الإصابة بهذه الأمراض إلى تغير السلوكات الغذائية للفرد والاستهلاك المفرط لملح الطعام والسكر وعدم زيارة الطبيب للكشف المبكر عن هذا الداء، بالإضافة إلى قلة الحركة والتدخين (33 بالمئة) وعوامل جينية. كما تساهم عوامل أخرى مثل السمنة التي تنتشر بنسبة 48 بالمئة لدى النساء و15 بالمئة لدى الرجال وارتفاع نسبة الكولستيرول بالدم في الإصابة بأمراض القلب والشرايين. ويرى الأستاذ مراد أن بعض الأمراض التي تتسبب في الإصابة بأمراض القلب مثل داء السكري (12 بالمئة) وارتفاع ضغط الدم الشرياني لا تخضع للعلاج والمتابعة والمراقبة الطبية الجيدة رغم توفر الأدوية، مما يجعلها تتطور إلى تعقيدات أخرى على غرار أمراض القلب. من جهة أخرى، كشفت المديرية العامة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن استفادة 2555 شخصا من مختلف الفئات العمرية من جراحة القلب المفتوح خلال السداسي الأول لسنة 2011 في إطار التعاقد مع عيادات تابعة للقطاع الخاص. وفي هذا الصدد، أوضح المكلف بخلية التعاقد بالصندوق الدكتور غالمي مصطفى عشية الاحتفاء باليوم العالمي للقلب المصادف ل26 سبتمبر من كل سنة أن “من بين 2555 مستفيدا من عملية جراحة القلب والشرايين 1000 مريض من منطقة الوسط الجزائري و700 شخص من شرق البلاد و800 شخص من غربه و90 من منطقة الجنوب”. كما استفاد من هذه العمليات 350 طفل يعانون من تشوهات القلب الخلقية 250 على مستوى الجزائر العاصمة والبقية من الشرق الجزائري. وكان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قد تكفل خلال السنة المنصرمة 2010 ب6800 مريض من بينهم 590 طفل وتمت كل العمليات الجراحية على مستوى 11 عيادة خاصة عبر القطر، 6 منها متواجدة بالجزائر العاصمة واثنتين (02) بالشرق الجزائري (سطيف وعنابة) واثنتين بالغرب (وهران) وعيادة واحدة بمنطقة الجنوب (غرداية)، وبلغت التكلفة الإجمالية لهذه العمليات 1.8 مليار دج. وبادر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالتعاقد مع القطاع الخاص لاجراء هذا النوع من العمليات في العشرية الأخيرة للتكفل ب6 آلاف مصاب بأمراض القلب و1500 رضيع مصاب بتشوهات خلقية للقلب لوضع حد لمعاناة المرضى الناجمة عن تأخر مواعيد العلاج بالمستشفيات الأوروبية والحصول على التأشيرة، الأمر الذي أدى إلى وفاة بعض الحالات. وكان تحويل المرضى إلى الخارج قبل تعاقد الصندوق مع العيادات الخاصة البديل الوحيد لإنقاذ حياة هؤلاء المصابين. وأكد الدكتور غالمي أن القطاع العام للمؤسسات الاستشفائية الوحيد الذي بإمكانه التكفل بجراحة القلب يتمثل في مستشفى مصطفى باشا والمستشفى العسكري بعين النعجة ومستشفى قسنطينة والعيادات العمومية المتخصصة (معوش وعبد الرحماني) “غير قادرة على التكفل بكل المصابين. وعبّر هذا المسؤول عن ارتياحه لتلبية كل الطلبات وعدم وجود قائمة انتظار لإجراء جراحة القلب للكبار في حين تبقى قائمة الانتظار الخاصة بجراحة تشوهات القلب الخلقية لدى الأطفال تتوسع نتيجة قلة الهياكل، حيث توجد في الوقت الراهن عيادة واحدة تابعة للصندوق وهي عيادة بوسماعيل إلى جانب عيادتين تابعتين للقطاع الخاص. وتقوم عيادة بوسماعيل وحدها بإجراء بين 400 إلى 500 عملية سنويا بينما يتم تحويل عدد مماثل من المصابين للعلاج بالخارج. وأوضح الدكتور غالمي أن 80 بالمئة من العمليات يشرف عليها مختصون أجانب في إطار الشراكة مع العيادات الجزائرية الخاصة بمشاركة مختصين جزائريين للاستفادة من التكوين ونقل التكنولوجيا. وتتكفل هذه العيادات الخاصة بالمؤمّنين اجتماعيا من مختلف الأعمار الذين يعانون من أمراض القلب وتتطلب حالتهم الجراحة، وتتكفل أيضا بشريحة الأطفال المصابين بتشوهات القلب الخلقية، حيث يتولى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي دفع تكاليف الجراحة سواء أجريت داخل أو خارج الوطن حتى في حال ما إذا لم يكن أولياؤهم مؤمّنين اجتماعيا.