قتل أم انتحر أم مات العقيد معمر القذافي متأثرا بجروحه؟ هي ثلاثة فرضيات لا تزال تحوم حول الرصاصة الأخيرة التي أجهزت على 42 سنة من حكم العقيد معمر القذافي إلى الأبد، ورغم ذلك إلا أن الطريقة التي رحل بها القذافي المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية في تهم لا تقل عقوبتها عن الإعدام والسجن المؤبد، دفعت ببعض المراقبين إلى ترجيح فرضية “انتحار” القذافي. نعود بالذاكرة إلى تصريحات المنشقين عنه بعد عمر من العمل تحت عباءته ما مكنهم من معرفة أبسط تفاصيل “شخصية العقيد“، كما تحدث في وقت سابق عبد الرحمان شلقم مرجحا فرضية أن ينتحر القذافي، وهي الرواية التي لطالما روج لها “الذراع الأيمن” عبد الفتاح يونس الذي شغل منصب وزير الدفاع نظير ولائه للقذافي لمدة 40 سنة كاملة قبل أن يعلن “انشقاقه”. ويربط الخبراء في معرض تحليلهم للصور التي ظهر فيها القذافي مصابا قبل أن يتم تأكيد خبر وفاته، التي تزامنت مع حديث بعض من “الثوار” الذين قالوا أنهم شاركوا في مهمة القبض على القذافي، رجحت فرضية أن القذافي وأمام “شخصيته العنيدة”، وإدراكه بأن القبض عليه يعني معاناة طويلة أمام أعدائه الجدد، هو ما دفعه إلى إطلاق النار على نفسه، أو كما أشار آخر إلى أنه أعطى أمرا إلى حراسه بإطلاق النار، وفي هذا السياق تحدث “الثوار” بأن القذافب كان يصيح قائلا: “لا تطلقوا النار أنا أبوكم”، وهي ما قد تكون رواية عكسية للأمر لكلمات القذافي الأخيرة. غير أن إعلان الأممالمتحدة توجهها، أمس، نحو مطالبة المجلس الانتقالي الليبي بضرورة التحقيق فتح أبواب الشكوك باتجاه تورط “المجلس الانتقالي الليبي” في مهمة “اغتيال” القذافي، وهو الوصف الذي استخدمه وزير دفاع المجلس الانتقالي، في كلمة تلفزيونية قائلا: “تم اغتيال القذافي”، موضحاً أنه “تم القبض على القذافي واغتياله”. وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم المكتب في إفادة صحفية مقتضبة في جنيف “طريقة موته غير واضحة. هناك حاجة لبدء تحقيق”. وأشار كولفيل إلى صور متفرقة التقطتها هواتف محمولة وظهر فيها القذافي مصابا في أول الأمر ثم ميتا وسط مجموعة من المقاتلين المناهضين له بعد إلقاء القبض عليه في مسقط رأسه بمدينة سرت. وقال: “بشكل عام الصور مزعجة للغاية”. ولوضع حد لموجة الأخبار المتواترة حول مقتل القذافي، والتي بدأت في الوهلة الأولى أخبار عادية لعملية عسكرية قام بها “ثوار المجلس الانتقالي” بدعم من حلف الناتو، قبل أن تتطور إلى التشكيك في طبيعتها، سارع وكان وزير الإعلام الليبي، محمود شمام، تنفيذ فرضية اغتيال أو انتحار القذافي مشيرا إلى أن القذافي “مات” متأثرا بجروحه بعد تبادل عنيف لإطلاق النار بينه وبين “الثوار”، مشيرا إلى أنه من الطبيعي أن يقوم “الثوار” بالدفاع عن أنفسهم وقتل القذافي في حرب لا توجد في حدود من أجل النصر على حد تعبير شمام، وهي التصريحات التي يبدو أنها لم تقنع أقوى الشخصيات في المجلس الانتقالي الليبي محمود جبريل، الذي أكد أن “عملية إلقاء القبض” على القذافي كانت سلمية ولم تشهد مقاومة من القذافي الذي استسلم ل”الثوار” دون أدنى مقاومة. وتحمل هذه التناقضات مؤشرات “خطيرة” ربما تثبت تورط “شخصيات هامة في المجلس الانتقالي الليبي في عملية “قتل” القذافي بهذا الشكل الذي استاء له لها المجتمع الدولي وهلل لها الشارع الليبي، واحتفل بها “ثوار المجلس الانتقالي” بطريقة دفعت بوزير الخارجية البريطاني وليام هيغ لشجب “العملية” قائلا: “كنا نرغب في أن يتم إحضاره كي يسأل عن جرائمه أمام القضاء، أمام محكمة دولية أو ليبية، ولا نؤيد عمليات الإعدام الخارجة على القانون”. وإن كان تقرير الطبيب الشرعي أكد أن القذافي مات بعد إصابته برصاصة في البطن، يبقى السؤال الأخطر في ليبيا ما بعد القذافي هو ما من أطلق الرصاصة على العقيد؟