هو الشيخ العالم الفاضل، الولي الصالح، الصوفي الزاهد، سيدي أحمد بن محمد بن عبد الر حمان، الشهير بإبن زاغو المغراوي التلمساني قدس الله سره، من مواليد عام 722ه -1380 م، والمتوفى عام 845 ه - 1441 م. وقد كان رضي الله تعالى عنه من أقطاب العلوم بمختلف فنونها، ومن أعلام التصوف الأفذاذ، ولذلك وصف ب”المحقق القدوة المصنف الناسك العابد”!. ومن بين العلوم الدقيقة التي لا تتيسر للكثيرين علم الرياضيات الذي صنف فيه كتابه الشهير بالكسور، وقد خصص له الدكتور أحمد جبار المتخصص في تاريخ الرياضيات العربية الإسلامية خاصة، زهاء مائة وخمسين صفحة في أحد مصنفاته، كما أولاه عناية بالغة في محاضراته، كما هو الشأن بالمحاضرة القيمة التي ألقاها حول تاريخ الرياضيات في مدينة بجاية المحروسة منطلق الرياضيات الحديثة. ومن بين المشايخ الشوامخ الذين تتلمذ عليهم سيدي ابن زاغو، العلامة الفقيه أبو عثمان سعيد العقباني، والشيخ العارف المفسر سيدي أبي يحي الشريف وآخرين. ولسيدي ابن زاغو رضي الله عنه، فضلا عن نبوغه في الرياضيات، تأليف كثيرة منها (تفسير الفاتحة) الموصوف بأنه في غاية الحسن وكثير الفوائد، وكذا شرحه (للتلمسانية في الفرائض) كما أن له فتاوى كثيرة في أنواع العلوم أثبت منها جملة كثيرة العلامة المازوني في النوازل، كما وردت في كتاب المعيار للونشريسي. وممن أخذوا عنه جماعة كثيرة منهم الشيخ يحي بن ادريس المازوني صاحب النوازل، والشيخ أبو الحسن القلصادي الذي ذكره في فهرسته، فقال (.. هو شيخنا وبركتنا الفقيه الإمام المصنف المدرس المؤلف أعلم الناس في وقته بالتفسير وأفصحهم، فاق نظراءه وأقرانه في دلائل السبل والمسالك إلى سبق في الحديث والأصول والمنطق، وقدم راسخة في التصوف مع الذوق السليم والفهم المستقيم، وبه يضرب المثل في الزهد والعبادة، وعند كلامه يقف الفتى في الأذكار والإرادة، مقبل على الآخرة، معرض عن الدنيا، عار عن زخرفها إلا ما يتخذه من ثوب حسن أو هيئة فيها جمال، أكرمه المولى بقراءة القرآن، وشرفه بملازمة قراءة العلم والتصنيف والتدريس والتأليف، له نسب أشهر من الشمس في السماء وحسب كاتساق في عقد النجوم في بحر الظلماء ..إلخ). وقد تحدث عن ملازمته لشخصه الكريم انتهالاََ من علومه والتماساََ لبركاته وظل وفياََ له، متعلقاََ به بحيث لم يقدرعلى مغادرة حاضرة تلمسان إلا بعد وفاته رضي الله عنه! ذلك أن الشيخ قدس الله سره كان يعتبره بمثابة ابنه وينزله منزل أصدقائه. ومن بين المؤلفات التي درسها عنه (صحيح البخاري) كله، ومن أول صحيح مسلم إلى أثناء الوصايا، كما درس عنه تآليفه رضي الله عنه، مقدمة في التفسير، وتفسير الفاتحة والتذييل عليه في ختم التفسير ومنتهى التوضيح في علم الفرائض من الواحد الصحيح غير مرة، وشرح التلخيص لوالده سيدي محمد بن زاغو رضي الله عنه ، وحكم ابن عطاء الله السكندري وشرحها لابن عباد الأندلسي رضي الله عنهما، ولطائف المنن لسيدي أبي العباس المرسي رضي الله عنه، وتأليف أبي يحي الشريف على المغفرة، ومختصر الشيخ الخليل وكتاب الإحياء للإمام أبي حامد الغزالي رضي الله عنه، وقد لازمه مع الجماعة في (المدرسة اليعقوبية للتفسير والحديث والفقه والأصول شتاء، والعربية والبيان والحساب والفرائض والهندسة صيفا، وفي الخميس والجمعة التصوف وتصحيح تآليفه. وذكر أن أوقاته معمورة وأفعاله مرضية وسجاياه محمودة. وأضاف لولا عجائب صنع الله ما ثبتت تلك الفضائل في لحم ولاعصب وهذا دليل قاطع وبرهان ساطع على المكانة المرموقة التي تبوأها هذا العالم النحرير في قلوب من عاصروه وأخذوا عنه. ذلكم أحد العلماء الأعلام، الذين يزخر بهم السجل الذهبي للجزائر المحروسة،عبر القرون وأتيحت سانحة الإشارة إلى موسوعيته في هذه العجالة القاصرة المقصرة، بمناسبة تظاهرة “تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية”. وقد أكرمنا المولى عزوجل بزيارة ضريحه الشريف ومقامه المنيف غير بعيد عن العباد مرقد سيدي أبو مدين الغوث رضي الله عنهما.. فالحمد لله والشكر لله. بلقاسم أبو محمد