تناول مختصون أول أمس بقصر الثقافة "إمامة" بتلمسان خلال المداخلة المتعلقة بالتراث الثقافي في اليوم الثاني من برنامج الورشة التكوينية التي نظمتها وزارة الثقافة بالتعاون مع كلية الآثار بجامعة الشلف، في إطار تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية إشكالية لا تزال غامضة عند الكثير من المجتمعات والمتعلقة بالتراث المادي والغير مادي وكذا دورهما في نقل الوعي الإنساني. تطرق السعيد تريعة أستاذ الأثار بجامعة الشلف في مداخلته إلى جملة من النقاط الأساسية المتعلقة بالتراث المادي واللامادي الذي يشتمل على عدد كبير من المكونات والأقسام بالإضافة إلى كونه يأخذ أشكالا مختلفة تسمح بقراءة وعي الأفراد وفهمهم للممتلكات الثقافية، وأشار إلى وجود طرق كثيرة للتمييز بينهما مركزا في حديثه على الفترات التاريخية التي تعاقب عليها الإنسان وكذا الأحداث التي نتج عنها تراكم أثري وتراثي متنوع، بدء من فترة ما قبل التاريخ وما قبل الميلاد وصولا الى مرحلة ظهور الكتابة المصرية وهجرة الفينيقيين، إلى جانب بروز الحضارة الإسلامية التي خلفت بدورها كمًا معتبرا من الآثار، واعتبر هذه العوامل أحد العناصر الأساسية المساعدة في تشكيل التراكمات والترسبات التي نتج عنها ظهور أثار ومتاحف في مختلف أنحاء العالم، منوها الى أن ما ورثته الجزائر من تراث أجنبي لا ينفي وجود حضارة محلية، بالمقابل أوضح بأن التراث اللامادي هو كل متكامل من الممارسات والطقوس وأشكال التعبير، بالإضافة إلى المهارات والمصنوعات الثقافية التي تتشكل عند الفرد والجماعة، وأضاف يضم الفنون وأداء العروض المتنوعة على غرار الرقص بمختلف أنواعه، والممارسات الاجتماعية التي تنضوي على عدة أصناف كالطقوس والاحتفالات، وكذا المعارف المتعلقة بالطبيعة والكون، المهارات المرتبطة بالفنون مثل حياكة الزرابي، وفي نفس السياق لمح المتحدث الى وجود اختلاف طفيف بين التراثين مؤكدا على تكامل الاثنين وارتباطهما الوثيق، من جهته تحدث حكيم ميلود مدير الثقافة لولاية تلمسان في مداخلته عن الفعل الثقافي في الجزائر الذي يختزل جميع النشاطات التي أقيمت في إطار هذه التظاهرة، حيث أبرز الجانب الايجابي لوسائل الإعلام في الترويج لهذا الفعل الثقافي منذ انطلاقته، وأكد بأن الثقافة والتراث بمختلف أشكاله ساهم في تغيير العادات والتقاليد اليومية لأبناء تلمسان بفضل الإعلام لأنها على حد قوله ترتبط بحياتهم اليومية. وفي سياق متصل أوضح المتدخل عن انقراض ثقافات وعادات جزائرية كانت موجودة في السابق لم تستطع إثبات وجودها والحفاظ على رهانها وواقعها، بسب غياب أساليب حمايتها وظروف أخرى عملت على زوالها على غرار العولمة التي لعبت دورا سلبيا في التأثير على سلوكات الأفراد وتغييرها بشكل تدريجي، ودعا في هذا الإطار إلى ضرورة الاستثمار في رأس المال الثقافي مع التحلي بالوعي النقدي والمعالجة السليمة للموضوع.