الذين قتلهم الأمريكان في العراق وفي اليمن وفي بلاد الأفغان يسمونهم إرهابيين! والذين قتلهم أمير قطر والناتو في ليبيا وسوريا يسمونهم طاغوت! والذين قتلهم القذافي في ليبيا والذين قتلهم الأسد في سوريا يسمونهم شهداء ويسميهم القذافي والأسد "إرهابيين"! الذين قتلهم صدام من أهل إيران يسميهم هو مجوس ويسمهيم الإيرانيون شهداء! والذين قتلهم الإيرانيون من العراقيين يسميهم الإيرانيون الغزاة ويسميهم صدام الشهداء! اختلط الحابل بالنابل في حكاية الشهداء عند العرب والمسلمين.. مثلما اختلط الأمر كذلك في موضوع الجهاز.. فالجهاد ضد الروس في بلاد الأفغان هو جهاد بفتوى علماء السعودية والقرضاوي وموتاه شهداء.. والقتال ضد الأمريكان الذي تقوم به الطالبان في بلاد الأفغان اليوم ليس جهادا وإنما إرهاب بفتوى القرضاوي أيضا وعلماء أمريكا والسعودية! في الجزائر الإسلاميون يقتلون قوات الأمن ويقولون "طاغوت" ويسمون موتاهم شهداء! وبالمقابل تسمي السلطة موتاها شهداء الإرهاب.. وتسمي موتى الجماعات الإسلامية بالقتلة الإرهابيين! في مصر أصبح ضحايا عنف السلطة ضد المواطنين شهداء.. وضحايا الشرطة من هجمات المواطنين الغاضبين شهداء أيضا! والجيش والشرطة في مصر يقتلون المتظاهرين ويسمون الضحايا بالشهداء.. وتعتبر السلطة عملية القتل هذه شرعية لأنها دفاعا عن النفس والقانون والدولة والمجتمع ضد خارجين عن القانون!؟ الغريب أيضا أن ضحايا شغب الكرة يسجلون أيضا شهداء! حكاية الشهادة أصبحت لعبة فقهية توزع بفتوى قرضاوية على الذي يسوى والذي لا يسوى! حتى البلطجية عندما يسقطون في عمليات البلطجة يسمونهم شهداء! حتى حوادث الطرق أصبح ضحاياها شهداء.. هكذا تم العبث بالقيم الإسلامية ووصلت إلى هذا المستوى من الانحطاط.. وحدث هذا منذ توريط الإسلام في السياسة وظهر علماء الإسلام السلطانيين الذين يصدرون الفتاوى ويوزعون الجنة على من يشاؤون تماما مثلما كانت الكنيسة توزع في القرون الوسطى صكوك الغفران والحرمان على الناس! لكن الواقع يقول إن كل من مات في الفتن بين المسلمين هم أموات وليسوا شهداء!