قيل إن المحبة هي أساس الحياة ولولا المحبة لما استمرت الحياة. ومن المعلوم أنها في قلب كل إنسان حتى لا يكاد يخلو منها قلب، ولكن المحبة ليست على درجة واحدة ولا على نوع واحد فمن أنواع المحبة: * محبة الإنسان لنفسه: فليس هناك إنسان لا يحب نفسه فهي أغلى شيء عنده، ولم لا يحب الإنسان نفسه وهي التي ذهبت لكانت نهايته. وهذا النوع من المحبة لا يخلو منه قلب. * محبة الإنسان لولده: لقد فطر الإنسان على محبة ولده، فهو أمر مجبول عليه وما ذلك إلا لأنه يرى فيه استمراراً لوجوده وحياته ولذلك فإنه يحبه ويحافظ عليه من الأهوال والمخاطر. ولولا هذا النوع من المحبة لما استمرت الحياة ولما تعمرت البيوت وقامت الأسر. ويدخل في هذا النوع محبة الإنسان لعشيرته وأقاربه. * محبة الفطرة: لقد فطر الإنسان على محبة أشياء كثيرة في هذه الحياة كمحبة الجمال، فليس هناك إنسان إلا ويحب الجمال، سواء أكان الجمال جمال إنسان أم جمال طبيعة لكنه يختلف من إنسان لآخر. * محبة الإحسان: فكما قيل إن القلوب قد فطرت على محبة من أحسن إليها، فلو أن إنسان قد صنع معك معروفاً أو قدم لك مساعدة في تحقيق نجاح لك في حياتك فإنك لا تزال تذكره وتذكر صنيعه معك وإحسانه لك، وما ذلك إلا لأنه قد أحسن لك يوماً. * محبة كامل الصفات: إنك لو رأيت رجلاً يحسن التعامل مع الناس لا شك أنك تقع في حبه واحترامه من حيث لا تشعر، وكذلك الأمر لو رأيت إنساناً حسن الأخلاق مع الناس في كل تعاملاته معهم لا يرى منه إلا الخير ولا يُذكر بين الناس إلا بالخير والصيت الحسن إذا كان فيمن اتصف بصفة واحدة من الكمال. فكيف أنت برجل قد اتصف بكل صفات الكمال حتى أنه غدا مقياساً لا شك أن قلبك يقع أسيراً له ويقع حبه في قلبك من حيث لا تشعر. وكلنا يعلم أنه ليس في الوجود أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما الكمال لغيره من الناس فهو نسبي. إن من الممكن لكل مؤمن بالله تعالى أن يجعل من هذه الأنواع محبة واحدة ألا وهي محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فرسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالمحبة من محبة الإنسان لنفسه فإذا كانت نفس الإنسان تسعى إلى الشهوات والملذات ما يؤدي إلى هلاكه في دنياه وآخرته، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى إلى أن يحقق له سعادة أبدية في دنياه وآخرته. والله تعالى يقول: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وزوجاته أمهاتهم}.