فرنسا دولة لائكية وترفض استخدام الدين في السياسة وتريد أن تصدر لنا هذه القيم.. ومنها مثلا منع استخدام الحجاب في المدارس.. لأن ذلك يمس بلائكية التعليم ولائكية المجتمع ولائكية الدولة! لكن فرنسا سركوزي اللائكي هي التي تذهب إلى مسجد باريس لمقابلة دليل بوبكر عمدة مسجد باريس وتطلب منه أن يصدر بيانا باسم مسلمي فرنسا لمساندة سركوزي في الانتخابات الفرنسية! وهذا التصرف لا يعد استعمالا للدين في السياسة ومساسا بلائكية الدولة بنفس خطورة ارتداء طفلة لحجاب في متوسطة أو ثانوية! ودليل بوبكر الذي يؤيد البرلمان الفرنسي في محاربة الحجاب في المدارس لا يرى أي استعمال للدين في السياسة وهو يدعو باسم الدين إلى التصويت على سركوزي؟! نفس الصورة المضحكة عندنا في حكاية إبعاد الدين عن السياسة.. فرغم أن الدستور الجزائري يقول: الإسلام دين الدولة الجزائرية.. إلا أن الدولة تريد أن تكون السياسة عندنا غير مسلمة.. أي تكون سياسة ملحدة كافرة بالدين.. حتى يبقى الدين حكرا خاصا للسلطة وحدها ولا أقول الدولة كما يقول الدستور؟! لكن التصحر السياسي الذي تعيشه البلاد والجفاف الانتخابي الذي ضرب البلاد خلال 15 سنة الماضية جعل السلطة تدعو وزير الشؤون الدينية والأوقاف إلى استعمال المساجد لحث الناس على الذهاب إلى الانتخابات ووصل الأمر بالوزير إلى حد دعوة الأئمة في المساجد إلى تكريس خطب الجمعة خلال الفترة القادمة للحديث عن فضائل أداء الانتخابات من طرف المواطنين.. وقد يصدر مفتي الديار الجزائرية (غير الموجودة) فتوى يسوي فيها بين صلاة الاستسقاء عند الجفاف الواجب على المسلم أداؤها وصلاة الانتخاب التي ينبغي أن تقام أيضا عند حدوث الجفاف الانتخابي! الشعب الذي يقاطع الانتخابات سواء من عنده لأنه كره الحكم والأحزاب الحاكمة أو يقاطع الانتخابات بتحريض من أحزاب غير راضية عن سياسة الحكم.. هذه المقاطعة إذا تمت تحت أي ظرف أو سبب هي في النهاية ممارسة سياسية ومحاربة هذه المقاطعة بواسطة استخدام المساجد والأئمة هو في النهاية استعمال للسياسة! ما الفرق بين أن تدعو من على منبر المسجد للانتخابات على الحزب الفلاني أو العلاني.. أو تدعو إلى الانتخاب من على منابر المساعد دون أن تحدد للناخب على من ينتخب؟! هل الدعوة إلى الانتخاب حلال والدعوة إلى انتخاب حزب بعينه حرام؟! هل دعوة دليل بوبكر إمام مسجد باريس للناخبين المسلمين الجزائريين في فرنسا للانتخاب على سركوزي هي "عملية حلال" مثل اللحم المذبوح وليس الجيفة.. ودعوة أبو بكر دليل نفسه الجزائريين المهاجرين للتصويت على الدا الحسين أو حمس أو الجبهة أو الراندو يعد حراما؟! هذا الوضع يدل على أن مسألة استعمال الدين في السياسة عندنا لا يختلف في جوهره عن فكرة اللائكية في فرنسا.. حين توظف هذه القضية في مسائل سياسية لا علاقة لها بالدين وحياده في السياسة!