كشف عميد مسجد باريس الدكتور "دليل بوبكر" على هامش الزيارة العائلية المقتضبة التي تقوده إلى عاصمة أولاد سيدي الشيخ في البيض هذه الأيام، والتي تخلو من كافة البروتوكولات والرسميات، عن ميلاد اتفاقية مشروع "مبادرة التضامن" التي توجت محادثاته الأخيرة مع وزارة التضامن والتي تهدف في خطوطها العريضة إلى تنظيم زيارات تعارف واستكشاف لفائدة الشباب الجزائري الذي ولد أو ترعرع بالخارج. حيث تشير الإحصائيات إلى أن عدد هؤلاء في فرنسا وحدها يقارب المليونين، نسبة كبيرة منهم جزائريون يجهلون الكثير عن موطنهم الأصلي، ويتعرضون إلى خطر الانسلاخ عن مقومات الهوية الإسلامية والعربية، وخصوصاً بعد هجمات التشويه والطمس التي تستهدف مكونات الهوية الدينية والوطنية للجالية الإسلامية المقيمة بالخارج، والتي كان من أشدها وقعا على أفراد الجالية الإسلامية المقيمة في فرنسا على غرار باقي مسلمي العالم الرسومات الكاريكاتورية الأخيرة التي استهدفت شخص رسول الإسلام والتي دفعت بمؤسسة مسجد باريس إلى رفع دعوى قضائية ضد مرتكبيها. وحول موقف الجالية الجزائرية من الانتخابات التشريعية بالجزائر أو الرئاسيات الفرنسية، على حد سواء، أكد الدكتور دليل بوبكر بشأنها أن دستور مسجد باريس يتضمن في أحد بنوده عدم التدخل في الشؤون السياسية لأي دولة، مثمنا في ذات الوقت موقف الرئيس الفرنسي شيراك وعواطفه تجاه الجزائريين الذين ينتظرون الكثير من إسهامات النواب خاصة فيما يتعلق بتسهيل إجراءات تحسين ظروف الشغل والمعيشة، وكذا موقفه من قانون تمجيد الاستعمار الأخير الذي صادق عليه البرلمان الفرنسي مؤكدا في ذات السياق أن الرئيس شيراك رفض أن يتحول هذا الأخير إلى قنبلة صراع موقوتة بين الجزائروفرنسا، تاركا أمر التاريخ إلى العلماء والمؤرخين لقول كلمة الفصل فيه، والقانون ليس من حقه تأسيس قاعدة سياسية. خصوصا أن القانون الفرنسي قانون لائكي، مستدلا بقانون منع ارتداء الحجاب الذي اقتصر على المدارس الفرنسية فقط في حين يسمح خارجها لكل معتنق ديانة أو معتقد بأن يمارس عباداته وطقوسه بحرية تامة وصلت إلى درجة السماح بإقامة مدارس إسلامية على التراب الفرنسي، وكذا الإقبال المتزايد للشباب الفرنسي المسلم على المساجد وممارسة الدعوة الإسلامية. جدير بالذكر أن عدد المسلمين في فرنسا يبلغ نحو ستة ملايين نسمة، يشكلون 10% من السكان، ينحدرون من "53" دولة، ويتحدثون "21" لغة مختلفة إلى جانب الفرنسية، ويحتل الجزائريون أغلبية كبيرة منهم. وتشير الإحصاءات إلى أنه من جملة ستة ملايين مسلم في فرنسا هناك حوالي مليونين من المولودين بفرنسا، أغلبهم من الجزائريين، أما البقية وهم ستة ملايين فهم مهاجرون جاءوا من بلدان إسلامية وعربية متعددة. وبشكل عام، يمثل الجزائريون أغلبية الجالية المسلمة بفرنسا بتعداد يقدر ب "800" ألف نسمة، يليهم المغاربة (600) ألف، ثم التونسيون 500" ألف، والأتراك "200" ألف، ثم يأتي ترتيب الأفارقة جنوب الصحراء واللبنانيين المسلمين. م. نور الدين