وضعية إنسانية واجتماعية كارثية، تلك التي تعيشها عائلة بومدين بحي حطاب أحمد، ببلدية فرندة ولاية تيارت. العائلة المكونة من ثمانية أفراد هم الأب محمد وسبعة من أبنائه يعيشون في عزلة تامة عن المجتمع، كل الأبناء مصابون بمرض عقلي، ماجعلهم ينعزلون عن باقي الناس، ماعدا الطفلة خيرة ذات ال 12 ربيعا. ومازاد حدة المعاناة هو وفاة الوالدة خلال شهر رمضان الفارط. تنقل أفراد جمعية “بسمة أطفال فرندة” إلى منزل هذه العائلة، بطلب من أحد الجيران الذي قال إن أحد الأبناء اختفى عن الأنظار منذ فترة، وأنه من المحتمل أن يكون ميتا داخل البيت. تنقل أفراد الجمعية رفقة مصالح الأمن والحماية المدنية، وكانت ل”الفجر” زيارة لبيت عائلة بومدين. الروائح الكريهة والأوساخ تعم المكان.. مع اقترابنا من البيت وقفنا على مأساة حقيقة تعانيها هذه العائلة، فبمجرد الدخول للبيت تقابلك الروائح الكريهة جراء انتشار الفضلات وتعفن ما تبقى من أفرشة وأغطية، كل شيء قديم ومهترئ.. لا يمكن وصف الحال الذي يعيش فيه أفراد هذه العائلة، ولكن يمكن الجزم أنه لا يمكن لإنسان عادي أن يحتمل البقاء في هذا المكان ولو للحظات، فالأوساخ تنتشر في كل ما كان، وحال الأبناء يدل أنهم لم يقوموا بالاستحمام منذ مدة. وتعيش العائلة وضعية مأساوية خطيرة، حيث لاحظنا ربط المسخن بأنابيب مطاطية، عرضة لنشوب حريق، بالإضافة إلى خطورة حدوث شرارات كهربائية ونتيجة تلف الكوابل داخل إذا صح القول أنه مسكن، وحيث يفتقر لسقف لائق يحميهم من تسرب مياه الأمطار. بطونهم الجائعة لم تعرف الطعام منذ زمن في هذا الإطار، أخبرنا الأب أنه يقوم لوحده بتحمل أعباء أبنائه بعد وفاة زوجته شهر رمضان الماضي، مشيرا إلى أنه منذ ذلك الوقت زادت الأوضاع تدهورا وزادت معاناة العائلة، فلا أحد يمكن أن يتكفل. من جهة ثانية، كشف المتحدث أنه لا يستطيع توفير احتياجات أبنائه السبعة، مشيرا إلى أنه من الصعب التكفل بأطفال مختلين عقليا في ظل وفاة الأم.من جهة أخرى، اشتكى المتحدث من الظروف الاجتماعية التي يمر بها وعدم قدرته على توفير الاحتياجات اليومية لأبنائهم، مؤكدا أن بطونهم الجائعة لم تعرف ذوق الطعام منذ زمن، حيث لا يستطيع إلا توفير الخبز والحليب.. فهو قوتهم الوحيد. الطفلة خيرة تنام داخل قبو خيرة ذات ال 12ربيعا، هي الطفلة الوحيدة التي لا تعاني من المرض العقلي الذي أصاب إخوتها، ترجو من المحسنين والمسؤولين النظر إليها بعين الرأفة، ومساعدتها على العيش حياة كريمة، فلا مكان لها وسط إخوتها المختلين عقليا. كما أن الطفلة خيرة تبيت داخل شبه قبو مظلم قطره متر مربع. المسؤولون على دراية ولكن لا أحد تحرك.. هذه العائلة سبق أن تم التنقل لها منذ أكثر من سنة، حيث تدخلت الجمعية وسخرت السلطات المحلية عمالها لدهن وترميم المسكن. كما تطوع بعض الخيريين ببعض الأفرشة والأثاث، لكن في ظل مرض الأبناء عقليا و وفاة الأم، أصبح من الضروري تدخل مختلف الجهات لمساعدتهم. ناشدت جمعية “بسمة أطفال فرندة” مختلف المسؤولين بضرورة إنقاذ أفراد العائلة من هذه الكارثة الإنسانية، من خلال توجيههم لمراكز للعناية بهم وتوفير العلاج النفسي وتوفيرالتكفل التام بدل تركهم على هذا الحال. كما ناشدت الجمعية المسؤولين التدخل لإنقاذ الطفلة خيرة لتفادي أن يكون مصيرها مثل مصير إخوتها الذين زادت عزلتهم في مرضهم، والتكفل بها، خاصة أنها أصغر سنا وأنها عرضة للضغط النفسي، حيث تعيش مع أفراد مرضى عقليا، ومن جهة ثانية هي لا تستطيع هي ووالدها الاعتناء بهم لصغر سنها وعدم توفر الإمكانيات بل وحتى الضروريات، إذ كما أسلفنا، فإن غذاءهم الوحيد الخبز والحليب..