سحب الكثير من الجزائريين ثقتهم من الصيادلة واستعانوا بالإرشادات الموجودة في علب الدواء، بعدما شهدوا اقتحام أشخاص من تخصصات مختلفة كبائعي أدوية، واضعين بذلك صحتهم على المحك بتقديم نصائح تتنافى والتركيبة الدوائية. وظف الكثير من الصيادلة، مؤخرا، أشخاصا من مختلف المجالات كصيادلة مناوبين، واستأمنوهم على صحة العديد من المرضى الذين دخل الشك إلى قلوبهم وارتابوا في أمرهم لدى تعرفهم على البعض منهم ممن درسوا بعيدا عن تخصص الصيدلة، وهو ما جعلهم يراجعون الإرشادات المرفقة بالدواء حتى يتجنبوا الأخطاء التي قد يقع فيها مثل هؤلاء الدخلاء على مهنة الصيدلة، وهو ما توصلنا إليه من خلال استطلاع في صفوف بعض المواطنين الذين أبدوا استيائهم من هذا الأمر. عبّر الكثير من المواطنين الذين التقتهم “الفجر” عن انزعاجهم من تولي أشخاص مجهولي التخصص عملية بيع الدواء في الصيدليات، وهو ما اعتبروه استخفافا بالمرضى وبهذه المهنة الحساسة التي تتحكم في حياة الكثيرين لأن التلاعب في الأدوية قد يتسبب في موت الكثير من الأشخاص. وفي هذا السياق أدلى أحد المواطنين برأيه قائلا:”يجب وضع حد لمثل هذه التجاوزات التي تعرض حياتنا للخطر!”، موضحا أنه التقى بالكثير من الحالات المشابهة التي وضعت الكثير من الشك والريبة لدى المواطنين وجعلتهم يعزفون عن التعامل مع مثل هذه الصيدليات، حيث أصبح الصيادلة يوظفون شأنهم شأن بائعي الخضر والألبسة في الأسواق دون شرط دراسة تخصص الصيدلة. وحسب الكثيرين فإن هذه الظاهرة تفشت بكثرة مؤخرا.. فكمال، على سبيل المثال، شاب من العاصمة في ال27 من عمره، تفاجأ بطلب جاره الصيدلي الذي عرض عليه أن يتولى بيع الأدوية في الصيدلية في الفترة المسائية، رغم أنه مختص في الإعلام الآلي!. نفس الشيء بالنسبة لإيمان، التي تعمل في صيدلية والدها بالرويبة منذ ثلاث سنوات، رغم أنها خريجة علوم اقتصادية. كما لا يختلف الأمر كثيرا عند العم عبد الحكيم، المتقاعد من شركة عمومية، والذي وجد نفسه فجأة صيدليا بعدما خرج للبحث عن دخل إضافي، حيث قوبل طلبه للعمل بكل الترحيب من قبل صاحب صيدلية حيه. كبار السن الأكثر عرضة لأخطاء “بائعي الدواء” من جهة أخرى، يتجاهل الكثير من الجزائريين التعليمات الموجودة داخل علب الدواء، مستعينين بإرشادات الصيدلي الذي يعتبرونه الحارس الأمين على صحتهم. ورغم أنهم أدرى بحالة المريض إلا أنه في الكثير من الأحيان تكون مختلفة تماما عما هو مكتوب داخل العلب، ما يجعلهم يواجهون مشاكل صحية، حيث يثق الجزائريون بتوصيات ونصائح الصيدلي التي تقدم شفويا، خاصة تلك المتعلقة باستعمال الأدوية، فالكثير منهم يكتفون بتوصيات الطبيب دون محاولة الاطلاع على الدليل المرفق.. يحدث ذلك بكثرة مع كبار السن ممن لا يحسنون القراءة، مثل عمي حسين، الذي استبعد كليا أن يخطئ الصيدلي في إعطاء إرشادات تناول الدواء، كما لم يحاول في أي مرة الاطلاع على الإرشادات المرفقة. ويضيف السيد عزيز أن والده قد تعرض لنكسة أثبتت التحاليل أن الجرعة الزائدة في الدواء كانت وراءها، ليتضح فيما بعد أن هذه الاحتياطات كان من الممكن توخيها لو أنه اطلع على النصائح المرفقة ولم يكتف بتعليمات الصيدلي.. كل صيدلي مسؤول عن نفسه! من جهتنا حاولنا التقرب من بعض الصيادلة من أجل التأكد من الموضوع، منهم بن غزال، صيدلي بالعاصمة، الذي شدد على ضرورة طرح الموضوع على الجهات المعنية من أجل وضع حد لمثل هذه الممارسات التي شوهت المهنة وضيعت مصداقيتها. فيما أرجع بن برجة، صيدلي آخر ببومرداس، سبب انتشار الظاهرة إلى ارتفاع الأجور التي يطلبها خريجو الصيدلة مقارنة بالقادمين من تخصصات أخرى، الذين يمكن إرضاؤهم بمرتب بسيط..؟!