"اسقبلنا 10 ملايين سائح سنة 2011 ونسعى لربط علاقات سياحية قوية مع الجزائر" قال الدكتور منير فخري عبد النور، وزير السياحة المصري، إن الرئيس المصري الجديد لا يمكن له فرض قيود على السياح الذين يزورون مصر، وربط الوزير ذلك بحجم مساهمة العائدات السياحية في الاقتصاد الوطني وهو ما يستلزم احترام حرية السائح وعدم التضييق عليه بفرض قوانين معينة. وأشار الوزير إلى أن تهديدات بعض القيادات الإخوانية حول كيفية التعامل مع ملف السياحة في مصر ما هي إلا تصريحات "عنترية" غير قابلة للتنفيذ، كما أوضح في هذا الحوار الذي أجريناه معه في مكتبه بالقاهرة. المشهد السياسي في مصر يعكس مؤشرات على صعود التيار الإخواني، فما تعليقك؟ لا أعتقد أن تيار الإخوان المسلمين يعرف صعودا حقيقيا في مصر، فتيار الإخوان المسلمين خاض الانتخابات البرلمانية وفق نظام القائمة النسبية وحصل بالفعل على الأكثرية في البرلمان وليس الأغلبية وكما تعلم أن المحكمة الدستورية حكمت ببطلان الانتخابات، وهذا الحكم كان منتظرا وليس غريبا لأنه تأسس على مبدإ استقر منذ 25 سنة في القضاء الدستوري والذي يشير إلى أن أي تمييز بين المرشح المستقل ومرشح الأحزاب السياسية يعتبر إخلالا بمبدإ المساواة. أما بالنسبة للانتخابات الرئاسية فكما تعلم فإن نتيجة الانتخابات لم تعلن بعد - الحوار تم إجراؤه قبل يومين مع إعلان النتيجة - وعلينا انتظار نتيجة الانتخابات التي سيعلنها المستشار فاروق سلطان الذي نثق فيه ونثق في نزاهته وفي النتيجة التي سيعلنها. في بلدان "الربيع العربي" من تونس حتى مصر تطرح بقوة مسألة تهديد التيار الإخواني للسياحة، لماذا التخوف من الإخوان على السياحة؟ أولا، أي مقارنة بتونس أو أي بلد عربي آخر؛ هي مقارنة في غير محلها، لأن مصر لها خصوصيتها على عكس أغلب الدول العربية. ففي مصر هناك أقلية مسيحية كبيرة أعتقد أنها متخوفة من صعود الإسلام السياسي لما لهذه التيارات من سياسات قد تؤدي إلى التميز ضد هذه الأقليات، كما أن مصر ومنذ نهاية القرن الثامن عشر منفتحة على ما يسمى بحر الحضارات؛ حيث اختلطت ثقافتها بالثقافة الغربية وهذا ما جعل من الثقافة المصرية مزيجا من الثقافات وأدعو كل من يشكك في هذه الخصوصية إلى أن يقرأ الكتاب الرائع الذي كتبه العالم الراحل، جمال حمدان "الشخصية المصرية" وسوف تجدون الفرق بين مصر والدول العربية الأخرى. وكيف تنظر إلى تصريحات الإخوان تجاه السياحة؟ التخوف بالنسبة لقطاع السياحة هو تخوف مشروع لأن التصريحات التي صدرت عن الإسلاميين حول سياحية الشواطئ وغيرها هي تصريحات تخيف السياح وبالقطع تطبيقها يؤدي إلى توفق الحركة السياحية في مصر، وأنا في تقديري هذه التصريحات تصدر عن أفراد لا يعلمون مدى أهمية قطاع السياحة في مصر، خصوصا وأن السياحة في مصر تساهم بنسبة 11 بالمائة من الاقتصاد الوطني وهذا الرقم تقريبا نفسه بالنسبة لتونس. كما أن السياحة في مصر تعد من أكبر مصادر العملة الأجنبية وهي أيضا تمثل دخلا أساسيا في الميزان المصري، ثم هناك عدد العاملين في قطاع السياحة لا يمكن الاستهانة به. فمن السهل أن ألقي بتصريحات دون حساب واقعي لآثار هذه التصريحات وآثار سياسات إن لا سمح الله تم تنفيذها على الاقتصاد المصري وفي تقديري هذه التصريحات هي عنتريات غير قابلة للتطبيق. بصراحة معالي الوزير، هل تتخوف من أن تفقد منصبك كوزير لو صعد الإخوان إلى الرئاسة؟ "يضحك " إطلاقا، أنا لا أبحث عن مناصب، أنا هنا لخدمة الوطن ولم أقبل هذا المنصب بحثا عن جاه أو سلطة، وأقول لك أيضا بالنسبة لي بقائي هنا في هذا المنصب فيه تنازلات كبيرة جدا، فأنا لدي مصالحي التي تركتها منذ سنة ونصف من أجل هذا المنصب والتكلفة الشخصية التي أتحملها ببقائي في هذا المنصب كبيرة جدا. هناك تصريح لقطاع السياح، تحديدا لغرفة السياحة بتأييدهم للمرشح أحمد شفيق، في وقت مبكر من حسم المعركة الانتخابية، ألا تعتقد أن هذا التصريح كان متسرعا؟ التصريح كان لاتحاد الغرف التجارية، ولم يكن متسرعا على الإطلاق، فهذا جزء من التعبير عن رأيهم الحر وموقفهم السياسي، وبالنسبة لي فإن اتحاد الغرف التجارية قام بمساعدة أحمد شفيق في حملته وقاموا بحث العاملين في قطاع السياحة من أجل دعم شفيق وإعطاء أصواتهم له وأريد أن أؤكد أن ذلك كان موقف الاتحاد وليس موقف الوزارة، فالوزارة كانت على الحياد ولم نتدخل على الإطلاق وأنا كنت حريصا جدا على عدم الإدلاء بأي تصريح قد يصب في مصلحة أحد المرشحين. أنا كنت في المعارضة خلال فترة حكم مبارك وعانيت كثيرا من تدخل السلطة التنفيذية والوزارات في الانتخابات، لذا فأنا حريص على الحياد على أن لا أكرر نفس الأخطاء التي كان يرتكبها النظام السابق. على ذكر النظام السابق، نريد أن نعرف كيف استقبلت خبر وفاة مبارك قبل أن يتم تكذيبه؟ بالنسبة لي هناك فرق كبير بين مبارك الرئيس الذي أخطأ كثيرا في حق هذا الشعب وبين الإنسان رب الأسرة الذي يحتظر أو يتوفى، ربنا يسامح الجميع ويعفو عن الجميع ورحمة الله واسعة والحكم الإلهي يختلف عن الإنسان، فالإنسان بطبيعته خطاء. رحيل مبارك سياسيا بعد ثورة "25 يناير" كان له تأثير كبير على السياحة في مصر، كيف تقيمون واقع السياحة في مصر الآن بعد سنة ونصف من الثورة؟ بلا شك أن السياحة في مصر تأثرت كثيرا بعد الثورة وليس بسبب رحيل مبارك عن الحكم وإنما بسبب الانطباعات الإعلامية حول واقع مصر من حالة اللاأمن وعدم استقرار الأوضاع، وهذا انطباع خاطئ لأن وسائل الإعلام تركز على ميدان التحرير بينما مصر ليست ميدان التحرير والمناطق السياحية وتشهد استقرارا وأمنا والأوضاع هناك مستتبة تماما. وماهي آليات وزارة السياحة لإعادة الإحساس العالمي بوجود الأمن السياحي في مصر؟ قمنا بالفعل بعدة جولات واتصالات وبدعوة الوفود للوقوف على حقيقة الأمر في مصر والتعرف على الوضع على الأرض والإمكانيات السياحية المتوفرة في مصر وقمنا أيضا بتحفيز الطيران العارض بالقدوم إلى مصر وشاركنا الشركات المنظمة للرحلات لتنظيم الدعاية في مصر ولم نتخلف ولو دقيقة واحدة عن المشاركة في المعارضة العالمية وكنا منذ بداية 2012 الشريك الرئيس في معرض "أي تي بي" الذي يعتبر أكبر المعارض في العالم، وفي الواقع الأرقام في حقيقة الأمر ليست بالسوء الذي يتخيله البعض. فخلال سنة 2011 وإن انخفضت نسبة الإقبال السياحي في مصر بالمقارنة مع سنة 2011 وبنسبة 33 بالمئة، إلا أن عدد السياح الذين زاروا مصر بلغ تقريبا 10 ملايين سائح. هل صحيح أن بعض الدول الأوروبية وضعت مصر تحت الخط الأحمر؟ كان هناك تحفظ فقط من بعض الدول الأوروبية وذلك خلال الأشهر الأولى لسنة 2011 والآن الأمور تتحسن، فمثلا عدد السياح الروس الذين زاروا مصر في أواخر سنة 2011 بلغ 2 مليون سائح والسياح الألمان فاق المليون سائح. نحن على أبواب موسم السياحة العربي خلال الأيام، هل أنت متفائل ؟ لست متفائلا كثيرا وإن كنا أعددنا مشاريع سياحية كبيرة لاستقبال السياح العرب الذين يأتون من دول الخليج أساسا وسنقيم هذه المهرجانات الفنية والدينية التي سنقيمها خلال شهر رمضان وإن كنت غير متفائل كثيرا بقدوم السياح العرب وذلك لأسباب عديدة أهمها ما تتناقله وسائل الإعلام العربية تحديدا عن الواقع في مصر بصورة غير صحيحة. هل هناك تميز بين الضمانات التي تقدمها وزارة السياحة المصرية للوافد العربي أو الأجنبي؟ لا يوجد تميز على الإطلاق، وأريد أن أقول لك شيئا مهما، إنه لم يحدث بعد الثورة المصرية أن أصيب سائح أجنبي بأذى بصفته سائح ربما حدث وأن أصيب بحادث عادي، ولكن لم يصب أبدا أي سائح بصفته سائح ولم يهاجم أحدا لأنه سائح، وبالتأكيد أن السائح العربي لا يمكن أن يتعرض لأذى. وماذا عن عمليات الاختطاف التي نسمع أن السياح يتعرضون لها في سيناء؟ هي علميات احتجاز مؤقت وليست خطفا، ولا تستمر إلا سويعات للمطالبة بتنازل الجهات الأمنية المصرية عن إجراء أمني اتخذ في سيناء وليس هناك اختطاف ولا يجود وأن حدث أن قضى سائح ليلة واحدة خارج فندقه، كما لم يتم المطالبة أبدا بفدية وهذا ما يؤكد أنها ليست عمليات إختطاف ويجب أن نسمي الأسماء بدقة. نحن أمام سيناريو فوز محمد مرسي، المحسوب على الإخوان أو فوز أحمد شفيق المحسوب على النظام السابق، بين هذا وذاك أين يقف مستقبل السياحة المصرية؟ شفيق محسوب على أنصار الدولة المدنية وليس النظام السابق والاستقطاب اليوم بين أنصار الدول المدنية وأنصار الدولة ذات المرجعية الدينية وليس الدينية وسواء كان محمد مرسي أو شفيق هو الرئيس الجديد فكلاهما يعلم نه لا يستند إلا على خمسين في المئة من الشعب المصري و الفرق بينهما بسيط جدا ونسبة المؤيدين لهذا أو ذاك لا يزيد على 50 بالمئة ولا يمكن أن يحكم بمفرده وكلاهما يجب عليه أن يبحث عن التوافق العام لكي يستطيع أن يحكم وذلك التوافق يستدعي تقديم تنازلات لكي يستطيع أن يحكم وبالتالي فالتنازلات ستكون من طرف أو من آخر، وأنا لست متخوفا على قطاع السياحة سواء حكم محمد مرسي أو أحمد شفيق. بالانتقال إلى العلاقات الجزائرية - المصرية، كان هناك مشروع مصري لدعم السياحة في مصر عبر استقطاب السياح من المغرب العربي، نريد أن نعرف المزيد من التفاصيل حول هذا المشروع؟ المشروع واضح جدا، هناك تشوق مصري لاستقبال السياح القادمين من المغرب العربي وتشوق مصري للذهاب إلى دول المغرب العربي للاصطياف والتنزه، وقد أذهب أبعد من ذلك، هناك اهتمام كبير من المستثمرين المصريين للاستثمار في قطاع السياحة في الجزائر حيث هناك طبيعة خلابة وشواطئ لم تستثمر سياحيا، ولهذا رأينا أن نبدأ وأن نبادر بتسهيل العمل وتسهيل انتقال الأخوة من المغرب العربي من الذين كانوا يلقون صعوبات كبيرة للحصول على تأشيرات من السفارات، لقد تقدمت وزارة السياحة إلى مجلس الوزراء بمشروع من أجل تسهيل إجراءات دخول الوافدين من الجزائر، وقد وافق رئيس الوزراء والإجراء نافذ منذ 14 جوان الماضي. كم هو حجم الوافدين من الجزائر ؟ عدد السياح من الجزائر لايزال ضعيفا جدا، وعموما المنتجات السياحية معروفة ومعظم السياح هم من الذين يبحثون عن التنزه في شواطئ البحر الأحمر و20 في المئة من السياح تجذبهم زيارة الآثار المصرية بمختلف حقبها التارخية الفرعونية أو القبطية أو الإسلامية وغيرها وهناك السياحة العلاجية التي تشهد اهتماما كبيرا. وماذا عن آفاق التعاون السياحي المتبادل بين الجزائر ومصر ؟ حاليا لا يوجد شيء من التعاون بين الجزائر ومصر وذلك لعدم وجود أي لقاء أو تبادل في مجال التعاون ونحن لانزال نسعى من أجل تسهيل أمور التعاون السياحي من الجزائر خصوصا مع وجود رغبة حقيقية لدى المستثمرين المصريين للتعاون مع الجزائر. السفير الجزائري في مصر أكد على رغبة الجزائريين لزيارة مصر ونحن سنضمن لهم حفاوة الاستقبال بلاشك وسيستمتعون بأوقات جيدة في مصر.