رئيس نقابة "الكناباست" نوار العربي يحرم 10 سنوات من التصحيح خوفا منه من التشويش أضحت عملية المشاركة في عملية الحراسة والتصحيح في الامتحانات الرسمية على غرار شهادة البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط ومرحلة نهاية مرحلة التعليم الابتدائي تخضع لقانون الغاب في العديد من المؤسسات التربوية، حيث إن كان الأساتذة تحت طاعة المديرين والمفتشين فإنهم سيستدعون دون مشاكل وإلا سيوضعون في قائمة العصاة والمغضوب عليهم، وهو ما ساهم في بروز ظاهرة ”الشيتة” مع نهاية كل امتحان وسعداء الحظ هم المفتشون الذين يكرمون من أساتذة بهواتف من طراز ”آيفون” وساعات فاخرة للتعبير عن الطاعة تمهيدا لضمان المشاركة في الامتحانات المقبلة. تقرير رفعته عضو مجلس ثانويات الجزائر، زينب الهامل، لوزارة التربية وعبر ”الفجر” حول عملية الحراسة والتصحيح في الامتحانات الرسمية، وكيفية اختيار الأساتذة لهذه العملية على مستوى المؤسسات التربوية، وحاولت ربط ذلك بعملية ”تكريم المفتشين قبل تكريم التلاميذ الناجحين..؟”، بهذه العبارات سلطت المتحدثة الضوء على من وصفتهم ب”سعداء الحظ” في إشارة إلى بعض المفتشين الذين أطّروا عمليات تصحيح اختبارات امتحان البكالوريا، حيث نالوا حسبها ”إعجاب الأساتذة المصححين” الذين وعلى حد قولها ”يقررون تكريمهم”. الهامل زينب ”ما سر الهدايا المقدمة للمفتشين وما الغرض من التقرب منهم؟” حدث هذا مثلا وحسب ذات التقرير في ”أحد المراكز بالخروبة، حيث بادر أستاذ بجمع مبلغ مالي قيمته 10 آلاف دج تكرم به المصححون في مادة الفلسفة، قبل أن تقوم أستاذتان بشراء آلة حلاقة من طراز رفيع يقدر ثمنها ب7 آلاف دينار جزائري، بالإضافة إلى ساعة فاخرة، وقدمت الهديتان إلى مفتش مادة الفلسفة الذي استلم أيضا بهذه المناسبة شهادة تقديرية من الزملاء المصححين بعد أن ألقى صاحب المبادرة كلمة أثنى فيها على المفتش، الذي يبدو حسب معدة التقرير أنه أشرف ”على عملية التصحيح بشكل حسن”. والظاهرة ليست محصورة في مركز معين - تقول زينب الهامل - ”ففي أحد مراكز التصحيح الكائن ببن عكنون، جمع أساتذة العلوم الشرعية مبلغ 36 ألف دج اشتروا به هاتفا من نوع آي فون أهدوه إلى مفتش مادة العلوم الشرعية الذي أطرهم أثناء عملية التصحيح وذلك في حفل متواضع زينه ما لذ وطاب من الحلويات والمشروبات”. لكن وحسب ذات المصدر فإن بعض الأساتذة اعترضوا على هذا التكريم واعتبروه نوعا من (الشيتة)، باعتبار أن للمفتش مقابلا لأتعابه ويفوق ما يتقاضاه الأستاذ، ولا داعي لتكريمه لما يؤدي - ككل العمال - واجبه المهني”. وكالمعتاد ”قدمت هدية إلى مفتش مادة اللغة الإنجليزية في إحدى ثانويات العناصر (الرويسو)”، وإن كان الغرض من التكريم هو التقرب من المفتش فإنه ينبغي أن نطرح السؤال الآتي ”لماذا التقرب من المفتش؟”، تضيف المتحدثة. وأضافت المتحدثة ل”الفجر”، أن أساتذة عدة يقصون من عملية التصحيح أو الحراسة سنويا لأسباب تتعلق بنوعية العلاقة مع مديري المؤسسات أو المفتشين، حيث يقصى الأساتذة المغضوب عليهم والذين يعتبرون مصدر تشويش للمسؤولين باعتبارهم لا يتكتمون عن بعض التجاوزات الحاصلة، كما منع النقابيون في وقت مضى من ذلك بسبب مشاركتهم في إضرابات وحركات احتجاجية. ومن جهته قال المنسق الوطني للمجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني ”الكناباست”، نوار العربي، إنه كان من بين المغضوب عليهم، حيث لم يستدع للتصحيح منذ 10 سنوات، أي منذ 2003، والسبب الرئيس وراء إقصائه طيلة هذه المدة هو عمله النقابي، حيث وضع في قائمة المشاغبين الممنوعين من المشاركة في التصحيح خوفا من الحركات الاحتجاجية داخل مراكز التصحيح، مؤكدا أن المسؤولين يقصون أي أستاذ يفرض وضع معين داخل المؤسسة التربوية، مضيفا أن عدة أساتذة هضمت حقوقهم بهذه الطريقة. وأضاف نوار العربي أن عملية الإقصاء معمول بها خاصة في عملية التصحيح دون الحراسة، باعتبار أن التصحيح فيه تعويضات مالية، مؤكدا أن أي أستاذ يحتج على الإطعام أو أي شيء في المركز فإنه يقصى في العام الموالي مباشرة، مشيرا في ذات السياق إلى التجاوزات الحاصلة في الحراسة، حيث أن هناك أساتذة يجبرون على الحراسة طيلة أيام الامتحان في حين آخرون مقربون من المدراء وعن طريق المحسوبية يحرسون يوما واحدا فقط أو نصف يوم، غير أن المتحدث أكد أن عملية عدم استدعائه منذ 10 سنوات يتحمل مسؤوليتها قائلا ”لم اشتكى”. هذا وفند منسق ”الكناباست”، أن تصل عملية ”الشيتة” التي يزعم أنه يقوم بها الأساتذة إلى حد دفع رشاوى أو هدايا للمفتشين قائلا ”من غير المعقول أن نجد هذا في قطاع التربية، باعتبار أن المبلغ المعوض قليل ولا يتجاوز 12 ألف دج”، مؤكدا أن العملية ليست في مناقصة عمومية لتصل بالأستاذ دفع ما تحصل عليه للتقرب من أي كان. ”السناباست”: على الوزارة التدخل .. و”الإنباف”: رفع قيمة التصحيح هي السبب في المقابل دعا المنسق الوطني للنقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني ”السناباست”، مزيان مريان، إلى الحد من هذه الظاهرة إن وجدت حقا، وأكد على ضرورة تدخل وزارة التربية للسهر على إعداد مقاييس في عملية التصحيح، ورفض بشدة أن تتم العملية بطريقة عشوائية، مؤكدا أنه حان الوقت لوضع قوانين صارمة في قطاع حساس كالتربية، على غرار ما هو معتمد في دول أوروبية، مشددا على أن يتم اختيار الأساتذة عن طريق الأقدمية وأن يكون مدرسا في الأقسام النهائية. أما المكلف بالإعلام على مستوى الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين ”الإنباف” عمراوي مسعود، فقد أكد أن الظاهرة انتشرت أكثر إثر رفع الوزارة الوصية قيمة التعويضات بعد أن كانت سابقا قيمة الورقة الواحدة كانت تصحح ب20 أو 15 دج فقط، مؤكدا أن الاستدعاءات بعدها أضحت تسلم بطريقة غير مسؤولة دون مراعاة الكفاءة والانضباط والالتزام وكذا الخبرة، علما أن ذلك يعود بالسلب على مصلحة التلميذ والذي يتحمل مسؤوليتها المفتشون الذين تقع على عاتقهم مسؤولية اختيار الأساتذة وفق معايير مضبوطة ودقيقة، واعتبار أن الأساتذة ليس على قلب واحد وهناك القادر والأكفأ والأقدر، مؤكدا أن عملية رفع قيمة التعويضات جعل الأساتذة هم الذين يطلبون المشاركة في عملية التصحيح.