هل تعد إقالة القيادة العسكرية في مصر، وما قام به الرئيس المصري أول أمس، من تبعات عملية رفح الأخيرة؟ أم أنها مجرد استعراض عضلات، وخبطة إعلامية قام بها مرسي لإعادة تلميع صورته، وإعطاء انطباع أن الإخوان رجال سلطة وأصحاب قرار؟! القرار الذي اعتبره البعض انقلابا ناعما على العسكر في مصر، مع أنه جاء باتفاق مع المؤسسة العسكرية في اجتماع جمع قادتها السبت مع الرئيس، أراد منه مرسي الظهور بمظهر الرجل القوي خاصة بإلغاء القرار الدستوري المكمل الذي يحدد من صلاحيات رئيس الجمهورية. فهو مَن عين المشير طنطاوي وزيرا للدفاع منذ أقل من أسبوعين، في إعلانه عن تشكيلة الحكومة ثم يعود ويبعده ويعين بدله نائبه المحسوب على التيار الاخواني في الجيش، إذ كان بإمكان مرسي أن يتجنب التعيين، ويبعد طنطاوي بإعلانه مباشرة عن الحكومة، لكنه ربما أرادها ضجة إعلامية تكسبه سمعة في الداخل وحتى الخارج، خاصة وأن مصر تعيش غليانا شعبيا بسبب الأزمات التي يعانيها الشعب المصري، وكان الشارع المصري على موعد مع مظاهرة ضد الحكم الاخواني في 24 أوت الجاري، فقرار مرسي أنقذ الاخوان من السقوط كما أكسبه مكانة في الاعلام الخارجي. الأكيد أن هذا القرار جاء بتنسيق مع واشنطن، التي أرادت أن تطوي صفحة العسكر في حكم مصري. وانتقال السلطة إلى رئيس مدني بشكل كامل، جاءت بأوامر من وزيرة الخارجية الأمريكية التي زارت مؤخرا القاهرة. ولا خوف على مصر الآن، ما دام يترأسها رجلها الجديد. فقد قال في خطبته الاستعراضية في الأزهر، أنه على الجيش التفرغ لمهمة حماية الوطن وهو نفس الكلام الذي نصحت به كلينتون أثناء زيارتها للقاهرة. القرار يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن حادثة رفح مدبرة، لتعطي الرئيس الجديد مبررا لاتخاذ القرارات التي اتخذها، إذ أن هذه العملية أظهرت هشاشة الأجهزة الأمنية المصرية وعدم قدرتها على حماية حدود الوطن. الامتحان الكبير الذي ينتظر مرسي بعد إبعاده رؤوس المؤسسة العسكرية التي حاولت منافسته على صلاحيات رئيس الجمهورية، هو كيف سيتعامل مع اتفاقية كامب دافيد، لأن دخول الطائرات والدبابات المصرية الأسبوع الماضي إلى سيناء المنزوعة السلاح ليست دليل شجاعة أو قوة الرئيس المصري الجديد، بقدر ما هي غض بصر أمريكي- إسرائيلي سمح للرجل بلعب دور بطولي يستعيد من خلاله ثقة ناخبيه ومريديه، الذين ينتظرون منه أن يثأر لغزة ويسترجع القدس، ويضرب سلام السادات والجيش المصري عرض الحائط؟!