اضطرتهن الظروف للعمل كبائعات في المحلات التجارية، وسط تفان كبير في العمل تترجمه ابتسامة عريضة ولباقة في التصرف وحسن معاملة، تخفي الكثير من تلك الفتيات معاناتهن التي تسببها المعاملة السيئة لأصحاب العمل والزبائن، والتي تتجاهل في كثير من الأحيان طبيعتهن الأنثوية. فتيات في ربيع العمر تستقبل الزائر للمحلات التجارية بقلب العاصمة وما جاورها، بملابس عصرية وبابتسامة ترافقها لباقة وحسن استقبال، تجذب به الزبائن الذين يستحسنون طريقة التعامل معهم. فمن محلات “الفاست فود” والمخابز إلى الملابس والأحذية إلى الأقمشة، مرورا بمحلات العطور ومستحضرات التجميل، تعددت الوظائف إلا أن العمل واحد. غير أن الأمر ليس بكل هذا الجمال، فالكثير من تلك الفتيات تحمل وراء تلك الابتسامة الكثير من المضايقات والمشاكل التي يتسبب لهن بها أصحاب العمل والزبائن على حد سواء. لتوظيفهن شروط خاصة.. خلال جولة استطلاعية إلى بعض محلات العاصمة، لاحظنا أن أغلب الفتيات الموظفات في هذه المتاجر شابات لا يزيد سنهن عن 30 سنة، مع مراعاة المظهر الخارجي الذي من الواضح أنه أهم شرط من شروط توظيف هؤلاء. ومن خلال حديثنا مع عدد من تلك الفتيات اتضح لدينا أن الشرط الأول لتوظيف الفتيات هو الجمال والشباب لجلب الزبائن، وبالتالي رفع مداخيل المحل، الأمر الذي تعتبر فريال، إحدى تلك البائعات أنه بمثابة متاجرة بجمالهن، قائلة: “لولا الجمال والابتسامة وحسن الترحيب بالزبائن الذي تتقنه الكثير منا لما بيعت سلع المحل”. كما توجد محلات تجارية تشترط على الموظفات عدم ارتداء الحجاب، الأمر الذي أكدته نسرين التي تقول:”قمت بإرسال سيرتي الذاتية مع إحدى صديقاتي للعمل بمحل بيع ماكياج ولوازم تجميل، وبالرغم من أن السيرة الذاتية كانت مرفقة بصورتي بالحجاب، إلا أن صاحب المحل يأمل أن أقوم بنزعه ولو في أوقات العمل، الأمر الذي قابلته بالرفض القاطع، ليؤكد لي فيما بعد أن الحجاب يعد عائقا أمام ممارستي لهذه الوظيفة.. استغلال أصحاب العمل وإهانات من الزبائن إهانات وتحرشات بالجملة تعاني منها هؤلاء الفتيات خلال عملهن اليومي من قبل الزبائن أحيانا وفي غالب الأحيان من أصحاب المحلات، والذين لا يراعون الطبيعة الأنثوية لهؤلاء، حسب شهادة الكثيرين. وفي ذات السياق تقول هند التي تعمل في محل لبيع ملابس أطفال:”صاحب المحل يعاملنا بطريقة سيئة، إضافة إلى أنه يستغلنا بطريقة بشعة لساعات طويلة نقضيها في المحل مقابل راتب شهري ضعيف جدا”. واشتكت زميلتها سعاد كذلك من الأمر قائلة:”عملنا يبدأ من الساعة التاسعة صباحا إلى ساعات متأخرة من المساء، مقابل أجر شهري يعادل 20000 دج”، وأوضحت أنها واجهت عدة مشاكل في البيت بسبب عودتها إلى المنزل متأخرة. أما دنيا فقد أشارت أن أكثر ما يثير استياءها هو اضطراها للقيام بأعمال زائدة عن مهامها، على غرار التنظيف وترتيب السلع وغيرها، منوهة أن دورها الوحيد في المحل هو البيع ليس إلا، غير أن جشع أصحاب العمل يمنعه من توظيف منظفات تاركا المهمة على البائعات. أما عن معاملة الزبائن السيئة فتجد تلك الفتيات الكثير لتقلنه حول الأمر، حيث قالت سهام التي تعمل كنادلة في أحد المطاعم :”نستاء جدا من المعاملة السيئة التي فيها الكثير من قلة الأدباء والتحرش، الأمر الذي يضطر الكثيرات منا للاستقالة، لاسيما إذا قوبل الأمر بلامبالاة صاحب العمل الذي ينبغي عليه حمايتنا من هذه التصرفات الطائشة للشباب خاصة“. الزبونات تفضلن التعامل معهن ترغب الكثير من النساء اقتناء لوازمهن وحاجياتهن المختلفة بأنفسهن، ما يدخل ضمن متعة التسوق، فالكثير منهن تفضلن التعامل مع البائعات، خاصة فيما يتعلق بالملابس الداخلية وبعض المستلزمات الخاصة بالنساء، والتي تخجلن من طلبها من البائع، الأمر الذي أكدته لنا أغلب النساء اللاتي التقينا بهن، حيث تقول شهيرة:”أنزعج كثيرا حين أضطر لاقتناء حاجياتي الخاصة لدى البائعين، فالنساء عادة هن الأحسن للقيام بهذه المهمة، إضافة للراحة التي تمنحها للزبون فهن تحسن التعامل مع الزبائن”. ومن جهتها تقول حورية:”من الأحسن أن تعمم فكرة توظيف الفتيات في محلات الألبسة النسوية، خاصة الداخلية منها، وذلك تفاديا للوقوع في الكثير من الضيق والحرج”.