يعتبر الكثيرون استهلاك "الشمة" من قبل النساءأمرا غريبا ومستهجنا، غير أن الواقع يؤكد انتشار هذه الظاهرة لاسيما لدى العجائز، وخاصة في الولايات الداخلية من الوطن بحكم انتشار زراعتها هناك، وبالرغم من تأثيرها الصحي السيئ والمضر إلا أن تمسكهن بها لا يترجمه سوى إدمانهن عليها. لا يزال مجتمعنا يستهجن بعض التصرفات التي لطالما انفرد بها الرجال خاصة، المعهود والشائع أن الرجل هو المدمن والمستهلك الأول للشمة، إلا أن الأمر قد تغير ومس العديد من النساء اللواتي أصبحن يسعين إلى استهلاكها بالرغم من أنها معروفة بمضارها الواضحة على صحتهن. تعرفن عليها لتسكين بعض الآلام فأدمنها تنصح الجدات باستخدام الشمة لعلاج بعض الأوجاع والأمراض، غير أن ذلك قد يكون ناتجا عن تجربة خاصة مع هذه المادة التي استخدمنها يوما ما كمسكن لآلام الأضراس لتتحول فيما بعد إلى إدمان رافقهن طيلة الحياة، اقتربنا من بعض النسوة والعجائز لمعرفة سبب إدمانهن على استهلاك "الشمة"، تحدثنا إلى زكية عجوز في السبعين من عمرها والتي تقول: "لما كنت شابة لم أكن أزور الطبيب إذا مرضت أبدا، حيث كنت أعالج باستعمال الطرق التقليدية، لاسيما عند إصابتي بآلام الأضراس التي لم تكن توقفها سوى "الشمة"، فبعد وضعها على الضرس المصاب، تحقق مفعولها بسرعة في إزالة الوجع"، غير أن استعمال زكية المتكرر لهذه المادة حولها إلى إدمان وصارت تستهلك الشمة من دون وجع أو ألم حيث أدمنت عليها. ومن جهتها، تروي الحاجة حنيفة بداية قصة أختها الصغرى مع "الشمة" قائلة: "كانت أختي تستعمل "الشمة" لتسكين وجع الضرس حتى أصبحت مدمنة عليها، غير أنها تمكنت من الإقلاع عنها بإرادة قوية بعدما حدثت لها مشاكل مع زوجها وأبنائه الذين تضايقوا من الأمر". الشابات لا يستثنين من هذه العادة المتوارثة من خلال استفسارنا عن أصل هذه العادة عند النساء استنتجنا أن استهلاك الشمة متوارثة في الغالب عن الأمهات والجدات اللاتي اعتدنا عليها منذ زمن، وفي السياق تروي نفيسة قصة تعلقها بهذه المادة قائلة: "كان زوجي في السابق يقوم بتحضير الشمة وبيعها لسد حاجاتنا اليومية، وكنت حينها أساعده في ذلك ورائحتها الحادة تتصاعد لأنفي فأستنشقها حتى وجدت نفسي مضطرة إلى استهلاكها يوميا سواء عن طريق الشم أووضعها في الفم"، والأمر ذاته روته طاووس التي تقول إن إحدى قريباتها اعتادت على استهلاك الشمة بعدما كانت تحضرها حتى أصبحت مدمنة عليها، فبعد أن تعودت على استنشاق رائحتها أصبح عدم استعمالها لها يشعرها بالقلق والتوتر النفسي. أما عبلة فتقول إن إدمان زوجها على هذه المادة هو الذي دفعها هي كذلك لتجربتها، قائلة: "كان زوجي من المدمنين على هذه المادة بشدة، وبما أنه كان يستهلكها عادة في البيت فإن رائحتها القوية أثرت علي كثيرا، مما دفعني لتجربتها وأنا مجبرة، بعد أن أصبحت لا أقاوم تأثير رائحتها". الشمة تحتوي النيكوتين وتسبب السرطان يؤكد الدكتور فيلالي عبد المومن أخصائي أمراض باطنية أن الشمة تحتوي على الكثير من المواد السامة على غرار النيكوتين التي تعتبر المادة الأساسية في صنعها، إضافة إلى مواد كيميائية أخرى. وعن الأضرار الناتجة عن هذا النوع من التبغ يضيف محدثنا أنها تسبب أمراضا خطيرة ومزمنة كسرطان الرئة، المعدة، وكذا التهابات اللثة والأوعية الدموية، موضحا أن المكونات المستخدمة في الشمة هي نفسها تستخدم في السيجارة. وبالرغم من مساهمة هذه المادة في التخفيف من آلام الأضراس بشكل فعال غير أن مادة النيكوتين التي تحتويها تؤثر على الأعصاب، ويشير الدكتور فيلالي من خلال حديثه أن الشمة تؤثر كذلك على الجهاز التنفسي والمعدة، كما تضر بالفم واللثة والجهاز الهضمي أيضا، إذ تعمل على تهرئة الأغشية المخاطية والتهابها مما يساعد على سهولة اقتلاع الضرس، وكذا تشقق الأسنان أين يسمح بتجمع الفطريات والميكروبات بمختلف أنواعها، كما أنها تسبب في الإصابة بسرطان اللثة والدم.