يؤكد المسؤولون في دول "الربيع العربي" على التأثير السلبي للمظاهرات التي أججها الفيلم المسيء للرسول، وتعكس التصريحات الأخيرة للحكومتين التونسية والليبية تشاؤما كبيرا من تداعيات المظاهرات على صورة بلادهم الخارجية. ومن المقرر أن يستوجب المجلس التأسيسي التونسي وزير الداخلية على خلفية الاحتجاجات بينما أعلنت ليبيا إقالة مسؤولين كبار في وزارة الداخلية. "خروج المئات من "المتشددين" للاحتجاج وتخريب مصالح الولاياتالمتحدة في تونس لم يفرح الحكومة ولا الشعب التونسي". هكذا وصف كاتب الدولة في وزارة الخارجية المكلف بأمريكا وآسيا، الهادي بن عباس، معلقا، أمس، على تداعيات الاحتجاجات التي فرضت على السلطات. وقرر المجلس التأسيسي استجواب وزير الداخلية التونسي، أمس، في الأزمة التي قتل فيها أربعة أشخاص وأصيب خلالها العشرات في مواجهات بين قوات الأمن التونسي، ومتظاهرين أمام السفارة الأمريكية، وذلك بعد قيام السفير الأمريكي في تونس "جاكوب والس" بنفي التهم التي وجهت إلى حراس السفارة بإطلاق الرصاص على المتظاهرين. وسارع الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي إلى تبرئه من المحتجين الذين قاموا بمهاجمة السفارة الأمريكية، وقال المرزوقي في كلمة موجهة إلى "الأصدقاء الأمريكيين" نشرت في تونس، مؤكد: إن عنف الإسلاميين المتطرفين "لا يمثل" تونس. وقال في هذه الكلمة التي تهدف إلى "تفادي المزيد من سوء الفهم" إن "ما حدث يوم الجمعة الماضي لا يمثل تونس". وأدت الاحتجاجات إلى إجلاء الولاياتالمتحدة نحو 100 من رعاياها في تونس، إثر تعرض السفارة والمدرسة الأمريكيتين في هذا البلد إلى هجوم. وقال مصدر أمني إن نحو 100 أمريكي بينهم موظفون ومقيمون غادروا تونس على متن طائرة تابعة لشركة الخطوط التونسية. من جهة ثانية، أقال وزير الداخلية الليبي، فوزي عبد العال، اثنين من المسؤولين الأمنيين، على خلفية ما شهدته بنغازي من أحداث اقتحام مقر القنصلية الأمريكية. ومن المقرر أن يحل صلاح الدين دغمان، وهو ضابط برتبة عقيد، محل مساعد وزير الداخلية لمناطق شرق ليبيا ونيس الشارف، ومدير الأمن الوطني في بنغازي حسين بوحميدة. ومن جانبه، أكد وزير الداخلية في قراراته أنها جاءت "لما تقتضيه مصلحة العمل"، مضيفا أن السلطات الليبية ستفعل ما تراه صوابا إذا كان هناك نقطة ضعف داخل قيادات الأمن أثرت على العمل الأمني في المدينة. أما في مصر، فقد كشفت صحيفة "واشنطن بوست"، أمس، نقلا عن مسؤولين أمريكيين، أن المفاوضات الخاصة بتقديم مساعدات اقتصادية عاجلة لمصر قد توقفت مؤقتًا، ومنها الحوار حول تقديم إعفاءات بقيمة مليار دولار في صورة تخفيف عبء الديون وتسريع مساعدات أخرى إلى مصر. وقال المسؤولون: إن أي مساعدات جديدة من المرجح أن تتم الموافقة عليها بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر، وأنه من المتوقع أن يكون التأخير في تقديم المساعدات "مؤقتا" وأن النية لا تتجه لإعادة تقييم كبير للمساعدات. وقد جاءت هذه التغييرات تبعا للهجوم الذي شهدته مدينة بنغازي في 11 سبتمبر على مقر القنصلية الأمريكية، ما أدى إلى مقتل السفير كريس ستيفنز وثلاثة أمريكيين من موظفي القنصلية. وكان رئيس المجلس الوطني الليبي، محمد المقريف، قد أكد أن هجوم بنغازي لم يكن نتيجة موجة العنف الفجائية التي أثارها فيلم "براءة المسلمين"، موضحا أن هذا الهجوم "كان مدبرا بالتأكيد، وخطط له أجانب وأشخاص دخلوا البلاد قبل عدة أشهر. وكانوا ينوون شن هذا الهجوم الإجرامي منذ وصولهم" إلى البلاد.