العقل يقول: إذا أنت لم تحترم نفسك فلن تجد في العالمين من يسدي إليك التقدير والاحترام. ومن الجهالة بل من النذالة أن تنتقم لنفسك بزعمك ممن يروي عنك في إهانته لك، وكأنك تقول له: عندما أهين نفسي ولا أقدم للناس عنها إلا أحط الصور، فعليك أنت أن ترسمني في لوحة فنية بريشة بيكاسو أو بقلم العقاد وأنا في أعلى قمم الفضيلة والنبل. وفي الفيلم المسيء إلى نبينا الكريم صلى الله عليه وآله، نطبق على المخرج وعلى الممثلين هذا المنطق بالذات.. وكل اللقطات وكل محتوى الفيلم إنما هو مقتبس مما قلناه باسم الأحاديث النبوية في نبينا الكريم.. وهؤلاء الحاقدون لا يبحثون في ما دُون عن النبي وما جاء به القرآن الكريم إشادة بالنبي وأخلاقه، وإنما يبحثون فقط عن ما يسيء إليه وفي متناولهم للأسف الشديد مئات الأحاديث من هذا النوع التي يستطيعون أن يخرجوا بها فيلما من 3 ساعات.. لقد أعجبني رد أحد الشباب في رسالة بعثها إلي حول هذا الموضوع وأنقله كاملا إلى القراء يقول:”.. نحن أكبر من وضع فيلما مسيئا للنبي بفقهائنا وبكتب كتبها رجال عاملناهم بقدسية المصحف. هناك أمور تؤلم وهناك أمور تجعلك حانقا على غباء من ينتسبون لأمتك أو لدينك، وقد يتحدثون باسمك ويحسبون عليك وتحسب منهم وإن أبيت.. أنا شاهدت الفيلم الذي أثار الضجة وتابعته من البداية حتى النهاية.. هل تعرفون أن 80 بالمائة من الفيلم كلام صحيح وروايات صحيحة في كتب حديثية وبتصحيح علماء الحديث ”المعتبرين”؟ كم قتلنا أنفسنا لنقول للناس، يا عالم يا مسلمين دعونا من تقديس تراث فيه من الخبث أكثر من الطيب، لا تبهدلونا أمام العالم فاتُهمنا بالفسق والرفض والتشيع والرغبة في الطعن بالدين.. فقط لأننا انتفضنا على أحاديث شوهت صورة أنبياء الله، ما دفع بشخص غيور على دين الله ورسوله إلى كتابة كتاب اشتهر، وهو الورداني تحت عنوان ”دفاع عن رسول من مدافع الفقهاء والمحدثين”. عجبي من أمة تقيم الدنيا على فيلم قام صاحبه بتمثيله من نصوص تقدسها تلك الأمة الغبية؟؟ نحن مجانين حقا ولا عقل لنا، إذ كيف ننتفض على الفيلم ولا ننتفض على تلك الكتب التي تحوي الطعون نفسها بل بالعكس نقدسها ونطبعها ونربي عليها أبناءنا؟؟ يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.. ولمن يشك بكلامي مستعد أن آتيك بكل لقطة في الفيلم برواية صحيحة من البخاري ومسلم وكتب السير والتراجم مع تصحيح العلماء لها. هذا ما يحدث لأمة طلقت عقلها؟؟ لو كنا صادقين لبدأنا بمراجعة تراثنا وتصفيته، ولا قدسية إلا لكتاب الله، وإذا كانت ردة فعلنا أننا أحرقنا سفارة أمريكا، فعلينا أن نحرق كتب الحديث التي اعتكفنا على تقديسها لسنوات لأنها هي من كانت المادة الخام لنصوص الكاريكاتورات والفيلم الأخير. وللإضافة أيضا كل كاريكاتور رسم ضد نبينا إلا وهو رواية صحيحة صححها من يسمى محدثون وفقهاء الإسلام”. هذا الشاب بارك الله في عقله الرزين ومنطقه المبين هو من دفع بي إلى كتابة تعليق صغير على ما قال أنقله إلى القارئ الكريم: جاء عن النبي صلى الله عليه وآله أن أعمالنا نحن المسلمين تُعرض عليه وهو في العالم الآخر، ولا يتأتى لأعظم جهاز كمبيوتر يُنجز مستقبلا بعدنا نحن حاليا بقرنين أو ثلاثة قرون أن يحلل هندسيا أو يعطي صورة تقريبية لكيفية اطلاعه صلى الله عليه وآله على أعمال مليارين أو ثلاثة ملايير من العباد الذين شهدوا ألا إله إلا الله محمد رسول الله، لحظة بلحظة ودقيقة بدقيقة وهو في ذلك العالم، كما لا يتأتى في الوقت نفسه للعقل التيمي ”ابن تيمية” الوهابي المتخلف أن يفهم سر هذه الحياة النبوية العاقلة المطلعة على أعمالنا وهو في العالم الآخر، لذلك قالوا النبي ميت لأن هذا العقل المتحجر الذي لم يفهم أن الأرض كروية وكفر من يؤمن بدورانها، لا يمكن أن يفهم الحياة البرزخية الواعية العاقلة للنبي بل يفتخر ابوبكر جابر الجزائري أمام مريديه في إحدى دروسه الوعظية بأن العصا التي في متناول قبضة يده تجر النفع أكثر مما يجره صاحب ذلك القبر صلى الله عليه وآله وأشار إليه،ويفتخر المفتي الأعظم للسعودية بأنه صلى عشرين سنة في المسجد النبوي ولم يزر قبر الرسول فيه، اقتداء بشيخه ابن تيمية الذي عد زيارة قبره من المعاصي، وعد السفر من أجل زيارته سفر معصية وليس سفر طاعة، فلا يجوز فيه تقصير الصلاة.. أما السفر لأمريكا للتآمر على المسلمين في البيت الأسود مع أصحاب القمصان البيض التي تغطي القلوب السود فسفر طاعة تُقصر فيه الصلاة.. وربما يجيزون فيه شرب الويسكي والروزي بجعلهما من النبيذ الذي يجوز شربه في كثير من الأحاديث التي صححها القوم. الفيلم القذر الذي أنجزه المغرر بهم كما جاء على ألسنة بعض ممثليه، وهو إن رحنا ندقق النظر في محتوياته لوجدناه استنساخ لما وضعه القوم الحاقدون على النبي وآله من أحاديث تُنسب إليه باسم الاسلام.. هذا الفيلم القذر لا يُعرض على النبي كما تُعرض أعمالنا نحن عليه لأنه غير معني بالاطلاع عليه كونه من إنجاز قوم غير مسلمين.. أما الفيلم الذي يُعرض عليه من ثانية إلى ثانية ومن دقيقة إلى دقيقة فهو ما يصنعه المسلمون من مآسي وجهالات ”وكفريات” يندى لها جبين التاريخ. نحن أمة لا توجد أمة مثلها أساءت إلى أنبيائها ومفكريها ودعاتها الميامين،ولا يمكن رد الاعتبار لهذا النبي الكريم إلا بما يلي: يجب أن نفهم أن التعريف بمحمد كالشمس لا يحتاج إلى تعريف لكن إزالة الحجب والغيوم الداكنة المتألفة حوله، سواء باسم الدين أو بدافع الحقد والحسد لتحجب نوره عن القلوب والعقول يعد فريضة في عنق كل مثقف مسلم أدرك بعلم واعتقاد جازم ان هذا النبي يتوفر على ثلاثة أمور لا تتوفر في بشر كائنا من كان. 1 – إنه معصوم ولا ينطق عن الهوى بنص القرآن الكريم، وكل ما يمس بهذه العصمة إن كان باسم الدين فهو تحت الأقدام، سواء رواه البخاري أو زكاه الفطاحلة الأعلام، فليس هناك ما يعلو على القرآن الكريم. 2 - إنه رحمة مهداة إلى سائر البشرية ووصفه بالضحوك القتال كما يفتخر بذلك ابن تيمية يسيء إلى هذه الرحمة الربانية المهداة {وإنك لعلى خلق عظيم}، فضلا عن إلصاق ما يمس بهذا الخلق العظيم من تكالب على الشهوة وتعلقه بصبية وهي بنت 3 سنوات قائلا لأهلها ”لئن كبرت لأتزوجنها” كما جاء في البخاري، وسبابه الناس، وبوله على المزبلة واقفا، وحذيفة يحمل له الإناء وغير ذلك من الأحاديث المصححة بزعمهم التي يندى لها جبين المسلم الغيور.. كل ذلك لابد أن يُدحض وهو من ساهم في الدفع بالغربيين إلى الإساءة إليه عليه وعلى آله الصلاة والسلام، قائلين لنا ”هذه بضاعتكم ردت إليكم” 3 - إنه جاء بدعوة إلى السلم والكف عن سفك الدماء وان الحرب استثناء لا تباح إلا في حال الدفاع عن النفس، أو دفع الظلم عن المظلومين وكل دعوة خلاف هذا تعتبر إرهابا، لأن التغيير بالكتاب قبل أن يكون بالانتخاب أوبالانقلاب أو بالإضراب أوبالحراب. أما الدعوة إلى نشر سنته، فلابد لهذه السنة من ثلاثة شروط أيضا: 1 - أن تحظى بإجماع الأمة لأن أمته كما أخبر هو وهو الصادق المصدوق لا تجتمع على ضلال. 2 - أن تكون هذه السنة صحيحة ومجمع على صحتها ولا تعارض القرآن الكريم. 3 - أن تكون صريحة باتة ولا تحتاج إلى كثير من التأويل. وفي تراث المسلمين على مختلف فرقهم لو كانت هناك حقيقة نيات صادقة لتوحيد صفوفهم على تراث النبي السني نجد عدة مجلدات من سنته تنال الاتفاق والإجماع بين جميع المسلمين، لكن العدو الصهيوني الذي صنع الوهابية في بداية القرن الثامن عشر للدفع بها لضرب الدين باسم الدين وبث الإرهاب والتفرقة بين المسلمين، والعدو الحاقد على النبي الذي صنع معاداته للنبي باسم أحاديث النبي، وهو التيار الأموي والعباسي، هذان التياران المتحالفان الآن يقفان حجر عثرة في طريق ما يجمع شمل المسلمين ووراءهما الغرب وبنو صهيون. بقلم: الصادق سلايمية