استجابت مصر للمقترح القطري الداعي إلى تدخل عسكري عربي في سوريا، بإبدائها نيتها في التشاور مع الدوحة وأنقرة حول هذا المسعى، الذي لا تراه مانعا لمشاركتها العسكرية شريطة ألا يكون ذريعة للتدخل الأجنبي في سوريا، في ظل استمرار القتال العنيف بين الجيش السوري وقوات المعارضة في كثير من المدن، وهو وضع لم يمنع توجه مختار لماني مدير مكتب المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي إلى دمشق للقاء أحد قادة المقاتلين المعارضين في حمص. وعبرت القاهرة عن رغبتها في إنجاح المقترح القطري، على لسان سيف عبد الفتاح المستشار السياسي للرئيس المصري محمد مرسي، الذي كشف أن بلاده تدرس التدخل العسكري العربي في سوريا لإنهاء الأزمة الراهنة، وأنها ستجري اتصالات مع قطر قطر وتركيا قريباً حول هذا المقترح. وقال المسؤول السياسي المصري، في تصريحات لمراسلة وكالة الأناضول للأنباء أول أمس إن "مصر على استعداد للمشاركة في التدخل العربي شريطة ألا يكون ذلك ذريعة للتدخل الأجنبي في سوريا". وشرح مستشار مرسي وجهة نظر بلاده، فأفاد "نحن مستعدون من حيث المبدأ للمشاركة في التدخل العربي في سوريا، ولكن بعد التعرف على حدود وأهداف وملامح هذا التدخل"، مشدداً على تمسك مصر برفضها التدخل الأجنبي في سوريا، كما كشف عن "لقاءات ثنائية بين كل من مصر وقطر ستتم خلال الأيام القادمة وربما على أرض غير مصرية لمناقشة هذا الأمر". وكان الشيخ حمد بن خليفة، أمير قطر، قد دعا خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي إلى تدخل عربي في سوريا، وقال: "من الأفضل للدول العربية نفسها أن تتدخل انطلاقاً من واجباتها الإنسانية والسياسية والعسكرية، بعد فشل مجلس الأمن في التوصل إلى موقف حازم رغم أن العنف وصل إلى مرحلة غير مقبولة". وأشار مستشار الرئيس المصري إلى أن "القاهرة قد تدفع تركيا لتنشيط المقترح القطري ودعم التدخل العربي في سوريا"، مضيفاً أن "هذا الأمر سيتطرق إليه لقاء الرئيس محمد مرسي مع رئيس الوزراء التركي رجب الطيب أردوغان خلال لقائهما في مؤتمر حزب العدالة والتنمية" (المفتتح أمس الأحد). وعن المبادرة المصرية "الرباعية" لحل الأزمة السورية، قال عبد الفتاح: "المبادرة من السابق للأوان أن نقول إنها أخفقت، ولكن نستطيع وصفها بأنها مبادرة النفس الطويل". وأضاف أن إلغاء اجتماع دول المبادرة الرباعية في نيويورك، الأسبوع الماضي، "لا يعني فشلها ولكن الفترة القادمة ستشهد لقاءات ثنائية بين دول المبادرة (مصر وتركيا وإيران والسعودية) وربما نحاول أن نجعل الأمور تصل لاتفاق الحد الأدنى". ودائما في سياق مساعي حل الأزمة السورية، التقى مدير مكتب المبعوث الأممي والعربي الأخضر الإبراهيمي في دمشق، أحد قادة المقاتلين المعارضين في حمص، وذلك بعد أيام من تقديم الإبراهيمي لمجلس الأمن صورة قاتمة عن الوضع في سوريا، وبعد يوم من تمسك القوى الدولية بمواقفها تجاه الأزمة في سوريا. ووفق المتحدث باسم الأممالمتحدة في دمشق خالد المصري، فإن مختار لماني مدير مكتب الإبراهيمي زار أول أمس السبت حي بابا عمرو ومنطقة تلبيسة، حيث التقى ممثلين عن المعارضة المسلحة برئاسة العقيد قاسم سعد الدين المتحدث باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر بالداخل. وأشار المصدر نفسه إلى أن اللقاء جاء ضمن زيارة قام بها لماني إلى حمص، والتقى فيها المحافظ غسان عبد العال وممثلين عن الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السوري، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية. وفي هذه الأثناء، شهدت عدة في حلب اشتباكات وقصفا صباح أمس، بعد ليلة شن فيها المقاتلون المعارضون هجوما على مطار "النيرب" العسكري في كبرى مدن شمال سوريا، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. في غضون ذلك استقدمت القوات النظامية تعزيزات عسكرية إلى مدينة حرستا في ريف دمشق مع استمرار حملة الدهم التي تقوم بها منذ يوم السبت، بحسب المرصد. وشهدت المدينة القديمة في حلب أمس اشتباكات مع محاولة المقاتلين المعارضين التسلل إلى أجزاء من المنطقة وتعزيز حضورهم في أجزاء أخرى، بحسب ما أفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن وكالة فرانس برس. وتحدث المرصد عن "اشتباكات مع القوات النظامية في حي العامرية" في حلب أدت إلى سقوط مقاتل، بينما سجلت اشتباكات بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية في حي الجندول. وأوضح مراسل فرانس برس في حلب أن حيي الكلاسة وباب الحديد يتعرضان للقصف منذ صباح أمس.