فشلت اللجنة التأسيسية المصرية للدستور الجديد في إنجاح مهامها، بعدما عصفت بها رياح الانسحابات المتتالية من طرف ممثلي الكنائس والقوى الوطنية والمدنية، الذين نددوا باستئثار الفئة الإسلامية والاحتكام على مطالبها في وضع المواد الأساسية في الدستور، ودعوا إلى تعيين لجنة بديلة لوضع الدستور. أعلن ممثلو القوى الوطنية والمدنية في الجمعية التأسيسية وفاة التأسيسية مدنياً، بانسحابهم من الجمعية، احتجاجاً على تجاهل مطالبهم، التي أبرزها منح الجمعية وقتاً كافياً لإنجاز مهامها، والتوقف عن استئثار القوى الإسلامية بقرارات الجمعية، وعدم تحوير المواد وفقاً لأهواء ورغبات تلك القوى، وفق بيان الانسحاب الذي تلاه عمرو موسى، عضو الجمعية، في مؤتمر عقد ظهر الأحد بمقر حزب الوفد، وقال موسى: ”لا بديل عن قرار الانسحاب، ولن نعود للتأسيسية، لأننا لم ننسحب حتى نعود، ولن نشارك في سلق الدستور، أو السباق الجاري بين التأسيسية والمحكمة الدستورية قبل صدور حكمها”. في المقابل، اتهم عدد من ممثلي التيار الإسلامي داخل الجمعية المنسحبين ب”التحالف” مع أتباع النظام السابق لتعطيل مسيرة الديمقراطية وإيجاد فراغ دستوري في البلاد ، فيما أعلن المستشار حسام الغرياني، رئيس الجمعية، استمرار أعمال الجمعية مع منح المنسحبين مهلة يومين للعودة، مؤكداً أنه لم يتلق أي إخطارات رسمية بالانسحابات. وقال الدكتور بسام الزرقا، عضو الجمعية، مستشار الرئيس محمد مرسي: إن الجمعية ستواصل عملها بتصعيد الأعضاء الاحتياطيين. وأضاف الدكتور وحيد عبدالمجيد، المتحدث السابق باسم الجمعية التأسيسية للدستور، أن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور فقدت شرعيتها الرسمية، مؤكدا أنه وباقي المنسحبين من التأسيسية، يعتبرون أن اللجنة الاستشارية التي عينتها الجمعية التأسيسية والتي انسحبت أيضا برئاسة الدكتور كمال أبو المجد، بمثابة ”الجمعية التأسيسية الشرعية”. وأوضح أن هناك خمسة أعضاء بالإضافة إلى التسعة الأساسيين للجنة الاستشارية، نعتبرهم الجمعية الوحيدة الشرعية لوضع الدستور، التي ستعمل على إعداد مشروع دستور يليق بمصر، وسيصبح هو الدستور الذي تعترف به القوى الوطنية، مضيفا أن اللجنة الاستشارية ستقوم بشرح الدستور للشعب المصري، وستطرحه عليه كاملا، وسوف تقوم اللجنة برفض كل ما ينتج عن الجمعية التأسيسية التي انسحبنا منها اليوم. وأوضح، في سياق متصل، أنه وآخرين من أعضاء التأسيسية قرروا الانسحاب منها بعد أن وصلت المناقشات إلى طريق مسدود، وعدم حدوث توافق حقيقي بين أعضاء الجمعية التأسيسية بالكامل، واستئثار تيارات بعينها داخل التأسيسية، مؤكدا أن ”الجمعية البديلة لوضع الدستور”، ستقوم بإعداد الدستور في الأيام القليلة المقبلة، وسيتم طرحه على الرأي العام، من خلال مؤتمرات في كل أنحاء مصر، وستعمل لجنة أخرى للإعداد لهذه المؤتمرات، بحيث سنبدأ ذلك خلال أيام. وعلى صعيد آخر أكد حزب ”مصر القوية” أن حصر تمثيل الشباب في تأسيسية الدستور في عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، كان تجاوزاً في حق مصر لا يستثنى منه أحد، لأنهم يمثلون أكثر من نصف الشعب المصري، موضحاً أن الأمر ذاته تكرر مع الفلاحين والعمال والموظفين والنساء، وقال الحزب في بيان له ظهر أمس الإثنين، إنه يرى منذ البداية أن تشكيل الجمعية التأسيسية على أساس ”المحاصصة” الحزبية والسياسية دون اعتبار للتنوع الطبيعي والحقيقي للشعب المصري، أمر غلبت فيه المصلحة الحزبية على مصالح الوطن العليا، كما عمقت تلك القسمة فكرة الاستقطاب الإسلامي المدني النخبوي البعيد عن الشارع المصري. من جهة أخرى أعلن عدد من الأحزاب والقوى السياسية تدشين تحالف ”الوطنية المصرية”، في اجتماع عقد بمركز إعداد القادة، ضم أحزاب الدستور، والمصري الديمقراطي، والمصريين الأحرار، والكرامة، والناصري، والاشتراكي المصري، ومصر الحرية، بالإضافة إلى التيار الشعبي والجمعية الوطنية للتغيير، وحركة كفاية، والمجلس الوطني واتحاد نقابات العمال، واتحاد المعاشات، والتحالف الديمقراطي الثوري. وأصدر التحالف أول بيان له طالب فيه بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وإصدار قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية، لضمان نزاهة الانتخابات المقبلة.