برّر وزير التربية الوطنية عبد اللطيف بابا أحمد غياب أزيد من 54 ألف أستاذ عن الأقسام وخوض معركة الانتخابات المحلية بالحق الدستورى لهم والذي يمكنهم ذلك من الاستفادة من عطلة، معطيا بذلك الضوء الأخضر بالانقطاع عن تقديم الدروس وتأجيلها لما بعد الانتخابات، أمام مخاوف الأولياء من عواقب ذلك على المتمدرسين في الامتحانات الرسمية في ظل صعوبة تعويض شهر من التأخر بسبب الحملة الانتخابية التي تستمر إلى غاية الأسبوع المقبل. رغم مخاوف أولياء التلاميذ من تأثير الدروس الضائعة الذي سببها غياب المعلمين لفترات وصلت إلى 4 أسابيع على الأقل، يرى وزير التربية الوطنية عبد اللطيف بابا أحمد أن ما تعرفه المؤسسات التربوية في الوقت الراهن ”عادي”، مؤكدا في تصريح له على هامش جلسة مجلس الأمة المخصصة للأسئلة الشفوية، وبخصوص تعويض بعض المعلمين ممن ترشحوا للإنتخابات المحلية أن هذا الأمر ”غير ممكن خلال فترة التمدرس” لأن القانون واضح ويعطي الحق للمترشح أخذ عطلة. ورفض رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ أحمد خالد في تصريح ل”الفجر”، عدم اتخاذ الوزارة إجراءات استباقية للحد من ترك المؤسسات بدون معلمين، وأكد أن الوزارة كان عليها الاستنجاد بالمستخلفين لتغطية فراغ الأقسام، على أن هذا الاستخلاف لا يعطى الحق للمتعاقدين بطلب الإدماج. وحذر أحمد خالد من نتائج تأجيل الدروس، وقال إنها ستعود بالسلب على المتمدرسين باعتبارهم الضحايا دائما، خاصة في حالة رفض هؤلاء الأساتذة تعويض الدروس خلال أيام العطل وفي أوقات الراحة، باعتبار أن الوزير رخص لهم مغادرة الأقسام اعتمادا على القانون ما يعنى أن إجبارهم على الدروس الاستدراكية صعب جدا، خاصة أمام من قال عنهم أحمد خالد ”الذين ليس لهم ضمير مهني”. وقال المتحدث ”لا نمانع احترم الحريات الفردية والسياسية” للمعلمين، إلا أن مصلحة 8 ملايين تأتي في الصدارة، لذلك على الحكومة أن تع خطورة مشاركة المعلمين في الانتخابات قبل تنظيمها، من خلال تجنب إجرائها خلال الموسم الدراسي، وجدّد طلبه بتنظيمها في فترة الصيف عملا بمصلحة كل الأطراف المعنية. وزير التربية ”إدخال إصلاحات جديدة أمر ضروري” وفي صعيد آخر، ذكر الوزير أن أبواب الوزارة دائما مفتوحة للتشاور مع الشركاء الاجتماعيين لمعالجة مختلف القضايا المطروحة التي تخص القطاع، مشيرا إلى ”قناعة” الوزارة دوما بضرورة التعاون مع الشريك الاجتماعي من أجل إيجاد الحلول للمشاكل المطروحة، وهو ما جعلها تأخذ على عاتقها المطالب الموضوعية قصد معالجتها بكل مسؤولية. وفي هذا الشأن، عرّج الوزير بإسهاب على مجمل الإنجازات التى تم تحقيقها لا سيما تلك المتعلقة بنظام التعويضات الذي كان، كما قال، محل دراسة ولقاءات عديدة علاوة على ما تم تحقيقه بخصوص مراجعة القانون الأساسي للأسلاك المنتمية للقطاع. وتطرق بابا أحمد، في كلامه إلى ملف تسيير الخدمات الاجتماعية الذي حظي بكثير من النقاش بين الإدارة والنقابات تمت معالجته بشكل نهائي ب ”إعادة النظر في كيفيات تسيير هذه الخدمات في ظل المعطيات الجديدة للتعددية النقابية”. وأشار إلى عملية تنصيب بعض هياكل التسيير للخدمات على مستوى الولايات بناء على تعليمات الوزارة، معلنا أن هذه الهيئات تشهد اللمسات الأخيرة لتنطلق في عملها. في المقابل، عاد الوزير مجددا إلى الإصلاحات التي يريد إدخالها على قطاع التربية، حيث أشار إلى إنشاء لجنة مختصة لإجراء تقييم مرحلي للإصلاحات التي أدخلت على القطاع منذ 2003، خلال شهر جانفي أو فيفري القادم، مشيرا إلى أنها ستتكون من أساتذة ومختصين في التربية ومعلمين ومفتشين تربويين أوكلت لهم مهمة ”تقييم مرحلي للإصلاحات التي أدخلت على القطاع منذ 9 سنوات”. وقال في هذا الصدد، إن ”التلاميذ أصبحوا يقضون 5 سنوات في الابتدائي وأربع سنوات في المتوسط وهم حاليا في السنة الأولى متوسط بعد مباشرة الإصلاحات منذ سنة 2003” معتبرا أن إلتحاق الكوكبتين بالسنة الأولى ثانوي خلال هذه السنة كان وراء خلق ”نوع من الاكتظاظ” في المدارس. وأشار وزير التربية الوطنية، إلى أنه يفضل أن يتم عمل اللجنة ب ”تمهل”، معتبرا أن العدد الهائل للتلاميذ والذي يفوق ال 8 ملايين تلميذ ”لا يسمح لنا بالخطأ”، مضيفا أن التقييم المرحلي ”سيسمح بإعادة النظر في الإيجابيات والسلبيات” المحققة جراء الإصلاحات التي أدخلت على القطاع والتي تهدف إلى تحسين نوعية التعليم ومردود المنظومة التعليمية. اتحاد أولياء التلاميذ يجدد ثقته في أحمد خالد ويحذّر من الإصلاحات الظرفية وشكّل موضوع الإصلاحات محور أشغال الجمعية العامة الوطنية التأسيسية للإتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ والتي انتهت بإعادة انتخاب وبالأغلبية أحمد خالد كرئيس له، وبحضور 28 ولاية، حيث أكدت الجمعية وفي بيانها الختامي على أهمية إصلاح المنظومة التربوية وإنقاذ المدرسة الجزائرية، من خلال مشروع متكامل يشرك فيه كل الأطراف، محذرة في سياق آخر، من الظواهر التي باتت تأثر سلبا على تقدمها على غرار العنف المدرسي والاكتظاظ، ونقص الأخصائيين النفسانيين والتوظيف ”العشوائي” للأساتذة في ظل افتقارهم للتكوين. وأكد الاتحاد سعيه إلى تأسيس جمعيات على مستوى 26 ألف مؤسسة تربوية بعد أن تمكنت فقط من فتح 15 إلف جمعية، والذي يعيق ذلك، حسبه، هو فرض وجود محضر قضائي، وبين أحمد خالد أن من بين أهداف الاتحاد، حسب الوثيقة التي سلمت للصحافة، هي تنظيم الحركة الجمعوية لأولياء التلاميذ على المستوى الوطني، تمثيل أولياء التلاميذ، التعبير عن انشغالاتهم، تقديم مقترحات لوزارة التربية الوطنية حول القضايا التربوية وكذا التعاون مع الجمعيات ذات الاهتمام بتربية الطفل، صحته ورعاية حقوقه.