هل ستكون نهاية حركة الإخوان في أرض الكنانة، الأرض التي شهدت ميلاد الجماعة منذ قرابة القرن، بل منذ قرون اعتبارا أن الطريقة الإسماعيلية التي ظهرت في مصر، وسميت عليها مدينة الاسماعيلية هي أول من أسس للفكر الأصولي في مصر، بعدما حورب قلعة علموت في أصفهان، وتفرق أتباع حسن الصباح، وأسس فرع منهم الفرقة المذكورة. هل ستشهد أرض مصر التي تنقسم اليوم إلى صفين متوازيين في القوة والإصرار، صف يساند محمد مرسي باسم الشرعية الانتخابية، وصف يتزعمه المثقفون والنخبة المصرية الرافضة لحكم المرشد، نهاية الإخوان، الذين بدأ نجمهم في الأفول بمجرد وصولهم إلى الحكم من رحم الربيع العربي الذي لم يعد ربيعا، مثلما هو الحال اليوم بتونس، حيث أثبتوا أنهم لا يؤمنون باستقلالية المؤسسات، ولا بالمعارضة، وأنهم لا يقلون دكتاتورية عن الأنظمة التي عارضوها وجاءوا إلى الحكم على أنقاضها؟! فالرئيس مرسي الإخواني، قام في ظرف قصير باتخاذ قرارات غير شرعية، قرارات لم يجرؤ حتى مبارك على اتخاذها، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل. فالإخوان الذين استثمروا سنوات طويلة في دفاعهم عن القضية الفلسطينية وعداء إسرائيل واغتالوا الرئيس السادات بسبب اتفاقه مع الدولة العبرية، تخلوا عن خطابهم هذا بمجرد الوصول إلى السلطة بناء على اتفاق أبرم مع أمريكا يراعي مصالح إسرائيل ويحافظ على كل بنود اتفاقيات كامب ديفيد، بل حتى تحالفهم مع أمريكا نفسها سيكون السكين الذي ينحر الجماعة، ويجردها من شعبيتها التي بنتها من خطابها المعادي للغرب؟! ما يجري في مصر اليوم من صراع ومظاهرات ومظاهرات مضادة، لا يحدد خارطة مستقبل المنطقة فحسب، بل يحدد مصير الجماعة الإخوانية أيضا التي قد تنسفها المادة "450" من الدستور الإخواني محل النزاع، والتي تعطي لرئيس الدولة الحق في تعديل الحدود بعد موافقة المجلس التشريعي. فقد يتنازل الرئيس الإخواني عن جزء من سيناء لإسرائيل، أو لغزة في حال طبق المخطط الأمريكي الصهيوني بتواطؤ إخواني لتأسيس دولة في غزة، وهي المادة التي جعلت الشارع المصري يثور وينقلب على مرسي بمن فيه إسلاميون صوتوا لمرسي. ثم إن مرسي الذي أظهر لينا في تعامله مع الأزمات، أظهرت الأزمة الأخيرة أنه سجين الجماعة التي تحكم باسمه، وأن الرئيس الحقيقي في مصر ليس من صوّت له الشعب المصري، وإنما مرشد الجماعة التي يبدو أنها تنتقم لنفسها من المصريين على ما لحقها عبر كل تاريخها؟!