رغم أن الأرقام تشير إلى ارتفاع نسبة الحياة لدى الجزائريين عموما إلى حدود 75 سنة، ورغم كل البرامج الصحية التي سطرتها الجزائر، خاصة في مجال التلقيح والقضاء على الأمراض المعدية، وتوفير الرعاية الصحية المجانية، وتوسيع شبكة ونظام التعويض والحماية الاجتماعية. لكن تبقى النسب والأرقام التي تحصدها الأمراض المختلفة وحوادث المرور، وحتى الانتحار تشكل دوائر وعلامات استفهام تستحق أن نتوقف عندها، فتقارير المختصين تسجل يوميا تفاقم الأخطار وأسباب الرحيل رغم أن الموت واحد. وضع المختصون في الصحة أمراض القلب على رأس قائمة الأمراض التي تقتل الجزائريين، حيث يصاب 80 بالمائة من الجزائريين بداء القلب سنويا، وهذا بسبب الدهون وارتفاع الضغط الدموي، الذي جاء في قائمة المسببات للداء، إضافة إلى الأسباب النفسية الناجمة أساسا عن القلق والتوتر جراء “ريتم” الحياة والضغوطات المحيطة بالفرد. يؤكد خبراء الصحة أن أمراض القلب تتسبب سنويا في وفاة 40 بالمائة من الجزائريين، حيث سبق أن أكد خليل مصطفاوي، أخصائي القلب، أن ارتفاع الكولسترول والسكري تأتي في مقدمة مسببات أمراض القلب والجلطة والسكتة القلبية. وفي قائمة الأمراض التي تقتل أيضا الجزائريين يساهم ارتفاع الضغط بنسبة 40 بالمائة من الحالات، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 75 بالمائة من مرضى القلب يعانون من عدم توازن الضغط الدموي، الأمر الذي يجعلهم عرضة لمختلف المضاعفات بما في ذلك الجلطة. وحسب المتتبعين فإن نسبة الشبان المصابين بداء القلب وارتفاع الضغط في الجزائر هي في ارتفاع ملحوظ سنويا، فلم يعد مرض القلب يصيب الشيوخ فقط أو كبار السن، لكن امتد خطره إلى الشباب والجنس اللطيف، حيث تشير الدراسات إلى أن نسبة الإصابة في أوساط النساء تزداد يوما بعد آخر، خاصة أن الضغط مرض لا يعطي إشارات مسبقة ويمكن أن يتسبب في إيقاف حياة إنسان في أي لحظة. وقد سجلت الأرقام أكثر من 35 في المائة من الوفيات بسبب القلب والضغط، سجلت لدى الشبان الذين لا يتجاوز سنهم 19 سنة. السرطان ثاني أسباب الوفاة تسجل الجزائر سنويا بين 35 ألف و40 ألف إصابة جديدة بالسرطان، مشكلة بذلك السبب الثاني للوفاة في البلاد، ما دفع الجزائر إلى جعل محاربة المرض أولوية وطنية ودفعها إلى تسطير برنامج حكومي يرمي في آفاق 2014 إلى تجهيز كل مستشفيات الوطن بالمراكز الاستشفائية، مع العلم أن تكلفة علاج مريض السرطان تكلف خزينة الدولة حوالي 50 ألف دولار، بينما تكلف علبة دواء واحدة المريض 24 ألف أورو، ما دفع الوزارة إلى إقرار مخطط وطني لمكافحة المرض، حيث كان وزير الصحة قد أعلن سابقا أن الدولة “أطلقت برنامجا ضخما وغير مسبوق في المنطقة المتوسطية لمحاربة المرض”. ويتضمن البرنامج إنشاء معهد وطني للبحث في الأمراض السرطانية، وإنجاز 14 مركزا جديدا لعلاج السرطان، خاصة في ولايات الجنوب، إلى جانب إقرار الدولة بنقص الأطباء الأخصائيين في المجال، حيث لا تتوفر الجزائر إلا على 87 من الأطباء المقيمين المختصين في علاج السرطان مقابل 35 ألف إصابة جديدة في السنة. 4 آلاف شخص ضحية إرهاب الطرقات حوادث المرور أيضا تقتل في الجزائر، بل وتعد من الأسباب الرئيسية للموت، حيث تحصد الطرقات، حسب إحصائيات المركز الوطني للأمن عبر الطرقات، أزيد من 4000 شخص في الجزائر، و هذا رغم الحملة التحسيسية والإجراءات الصارمة المتخذة في حق السائقين، لكن تبقى حوادث المرور سنويا في ارتفاع مشكلة بذلك أحد أهم أسباب الوفيات عند الجزائريين . بعض هذه الأرقام كانت محور النقاش والحوار الذي احتضنته الجزائر قبل شهرين في إطار القمة المغاربية للصحة، وكان الخبراء قد رافعوا لصالح سياسة وطنية شاملة تقوم على إعادة مراجعة أطر العمل والتكفل الصحي في المستشفيات، حيث يكون هناك تكامل بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب إعادة النظر في طرق التكوين، خاصة في قطاع شبه الطبي والطواقم الطبية المكلفة بمتابعة الحالة اليومية للمرضى. الموت يهدد حياة 7 آلاف مصاب بالقصور الكلوي رغم كل المخططات الصحية التي باشرتها الدولة، إلا أن عدة أمراض مازالت تقضي على الجزائريين، مثل أمراض الكلى التي تهدد حاليا 7 آلاف مريض فالجزائر، إذ منذ عام 1987 لم تقم سوى 1000 عملية زرع في حين يصل عدد المصابين بالعجز الكلوي إلى 7 آلاف مريض في حين هناك 500 طلب على عمليات الزرع، مع العلم أن عملية التبرع بالأعضاء في الجزائر ماتزال غير منتشرة، رغم أن الدولة تدفع سنويا ثلاثة آلاف مليار سنتيم في عمليات غسيل الكلى. 700 امرأة تموت على طاولة الولادة تفيد التقارير الطبية والأرقام الصادرة عن المنظمة العالمية للصحة، أن هناك 700 امرأة تموت سنويا على طاولة الولادة، بسبب الأخطاء الطبية والإهمال الحاصل في التكفل الصحي، حيث تفقد الكثير من السيدات حياتهن على طاولة الولادة، ومن سلمت حياتها فإنها تفقد حلم الأمومة أوتتعرض للتشوهات. وحتى مع وجود القطاع الخاص الذي عوض أن يكون إضافة للقطاع الصحي في الجزائر، إلا أن العكس هو الحاصل، حيث تشير الأرقام إلى 80 في المائة من العيادات الخاصة تعتمد على العمليات القيصرية حتى إذا لم يكن داع لذلك. هذا ما فتح الباب واسعا أمام الأخطاء الطبية التي تذهب ضحيتها سنويا 500 امرأة. كما تبين التقارير أن 80 بالمائة من الأخطاء الطبية الحاصلة في الجزائر تمس طب النساء، حيث تسببت عيادات الولادة وأقسام الأمومة في المستشفيات في أخطاء كارثية للسيدات، بعضهن فقدن القدرة على الإنجاب تماما وبعضهن تعرضن إلى تشوهات. وقد أدى هذا إلى ملاحقة 5000 قابلة قضائيا بسبب الأخطاء الطبية، استنادا إلى تقارير نقابة القابلات التي كشفت أيضا على وجود أكثر من 10 آلاف قابلة على المستوى الوطني يعانين من واقع مهني صعب يفتقر إلى التكوين والظروف الملائمة للعمل. .. والانتحار من بين أسباب الوفاة زيادة على الأمراض التي تنهي حياة الجزائريين، مازال الواقع الاجتماعي المزري والظروف الصعبة واليأس والإحباط تدفع أيضا الجزائري إلى قتل نفسه. ففي لحظة إحباط قد يتنكر المرء لكل قيمه الدينية وينهار الجدار الروحي، الذي يحتمي به البسطاء من الناس، ويقرر بإرادته مغادرة الحياة، حيث تسجل أرقام الدرك والشرطة والحماية المدنية سنويا ارتفاع نسبة الانتحار، حيث سجلت المصالح المختصة في السنة الماضية 335 انتحار حقيقية و1856 حالة شروع في الانتحار. وقد مست الظاهرة حتى الأطفال، حيث أشارت الأرقام المسجلة إلى أن هناك حالات لمراهقين وأطفال تقل أعمارهم عن 18 سنة.