”في السبعينيات من القرن الماضي تداول الشارع الجزائري سؤالا يشبه النكتة يقول: أشكون قال الساسي ما يلعبش ؟! وهي مشهورة إلى الآن خاصة لدى الوسط الكروي، وفي هذا القرن ظهرت نكة تشبه الأولى في الاسم والشهرة وتختلف معها من حيث المحتوى: أشكون قال الساسي ما يبوسش وما يلعبش السياسة ؟! صحيح أن الُقبلة أنستنا في التمرميدة التي فعلتها الزيارة المصلحية... وأنا في حيرة من أمري هل أحزن على الُقبلة ومخلفاتها من الذل والهوان والعار أو أرمي ببصري إلى النظر في مخلفات زيارة حاكم الإليزي الذي سفك ماء الحياء كما سفك آباؤه وأجداده دم الشهداء ؟ في الحقيقة أحلاهما مُرٌ كالعلقم، تكاثرت الأسماك على سعيدُ فلم يدر أي الأسماك يصطاد سعيدُ. حقيقة أخرى مرة أن الساسي لم يندم على قبح فعلته بل تجرأ أن يكشف على وجهه أمام الملء ومعلوم أن الوجه هو مفتاح وجوهر وماهية الحياء، فظهوره بلحمه وعظمه وفصله وأصله أمام وسائل الإعلام دل على رضاه التام عن ذنبه مثل قدوته الفرنسي: لا أعتذر أي لم يكن هناك قتل ولا سفك ولا جماجم محطمة مهشمة ولا تدمير، كل شيء جميل على هذه الأرض الطيبة كطيبة شعبها الأصيل، فالساسي من الذين فعلوا الخطيئة وأحاطت بهم السيئة، هي نفوس عجز أنبياء الله تعالى عن تربيتها. كنت أعلم أن هناك ساسة في سدة الحكم، أما أن يكون ساسة كالساسي في المجتمع فتلك هي المفاجأة لأني قرأت في التاريخ: بعد إجلاء فرنسا من الجزائر هرب معها كل ساسي يشبه ساسينا، الذي صام الدهر وأفطر على جرادة، آه يا زمان كيف أن للتاريخ أن يعيد نفسه، بالأمس القريب الكولونيل بن داوود الحركي كان برفقة عصابة من الفرنسيين في حفل بهيج، طرد بن داود من الحفل بطريقة مهينة مشينة رغم تودده وعملاته وخيانته وربما تقبيله لأحذية أسياده... فما كان منه إلا أن أطلق رصاصة على رأسه وهو يردد مقولته المشهورة: العربي عربي ولو كان الكولونيل بن داوود ! فقتل نفسه بعدما قتل وجدانه من قبل، وكل محنة تزيد في العقل حكمة، لا أتمنى للساسي أن يقوم بما قام به بن داود ولكن نسأل الله تعالى الشفاء للساسي ثم الهداية له، ولا تخون الخائن فإن خيانته تكفيه ومحادثة اللئيم ندامة، فهو إنسان جاء ولا يدري من أين أتى ولكن قدماه أبصرت طريقاً فمشى”. هذا رأي من صديق ”الفجر” نونو من ألمانيا.. ننهي به مسلسل الانبطاح والسقوط الحر..