تعقيبا على مقال أمس بعنوان ”سوريا.. المهمة المستحيلة”، وردني هذا الرأي للقارئ الوفي عماد سالم درويش من باريس أنشره كما جاء: لا جدال في أن نظم الحكم العربية، والنظام السوري واحد منها، تتحمل مسؤولية كبيرة في تدهور الأوضاع في البلاد الواقعة تحت سلطتها إلى حد أن الدولة صارت في بعضها دولة فاشلة، وهناك بلاد ليست بعيدة عن الوقوع في هذه الهوة التي لا أعتقد أنه في زمان العولمة ”الأمريكية” يمكن الخروج منها. فلقد ارتكبت هذه النظم أخطاء فادحة وصلت أحيانا إلى مستوى الجرائم ضد الفرد، في ذاته، وضده كمواطن. ولكن لا تختلف في هذا، النظم التي ترعاها الولاياتالمتحدةالأمريكية، عن تلك التي نزل عليها الغضب الأمريكي والقطري والسعودي، فجيشوا ضدها عصابات من المرتزقة، تقتل وتدمر باسم الإسلام. أنا لم أسمع أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفاءها في أوروبا، هم ضد التسلط والديكتاتورية. فالتاريخ يشهد على أنهم زرعوا، الطغاة حيثما استطاعوا، واعتدوا على الشعوب وانتهكوا أبسط حقوقها. الغريب في المسألة السورية، أن معظم وسائل الإعلام والدعاية، تطبل وتزمر للديمقراطية والحرية. وتصم أذاننا بالحديث عن ” ثورة”. يريدوننا أن ننسى ما جرى في العراق. قالوا نخلع ”الدكتاتور”، السد الذي يمنع الديمقراطية ويقيد الحريات. سقط صدام حسين وغرق العراقيون في بحر من الدماء وهبط مستوى معيشتهم إلى أدنى الدرجات. بالله عليكم، كيف نوكل أمر الديمقراطية والحرية والثورة في سوريا، إلى الحلف ذاته الذي هدم العراق وجزّأه وفكك وحدة أمته الوطنية؟ الأمريكيون استخدموا الإسلاميين، في أفغانستان. فأسقطوا الدولة، وتقاسمت جماعاتهم أقاليمها. عندما تحقق ذلك. سهل الأمريكيون مباشرة أو بواسطة سلطة ”الإسلاميين” في باكستان، استيلاء طالبان على الحكم. المعروف أن هؤلاء الأخيرين رفضوا كما يبدو الاستجابة العمياء لكل الإملاءات، وتحديدا في موضوع استغلال مخزون نفطي في محيط بحر قزوين، وجره عبر مسالك تضمن سيطرة الولاياتالمتحدةالأمريكية الحصرية عليه. مما حدا بهذه الأخيرة إلى إنكار ”الخدمات الجليلة” التي قدمها الإسلاميون لها في أفغانستان. فتحولوا في نظرها، بين ليلة وضحاها إلى ”إرهابيين”، وراحت تبحث عن الذرائع لغزو بلاد الأفغان واحتلالها وتقرير مصير شعبها، بنفسها، رغما عنه. وهذا ما حدث. من المرجح أن سيناريو مشابها يجري إخراجه على الساحة السورية. فبعد عامين من الخدمات الجليلة، التي قدمها ”للثورة”، جهاديو القاعدة، الذين استقدموا ”من البلاد الإسلامية” وأحِروا وزوِدوا، بقاذفات ”الهاون” والصواريخ، وبكميات كبيرة من المتفجرات، وارسلوا إلى سوريا عبر حدودها مع البلاد ”الشقيقة العربية والإسلامية”، بعد عامين من الخدمات الجليلة، يعلن الأمريكيون أن ”جبهة النصرة” التي ينضوي هؤلاء الجهاديون تحت لوائها، هي ”إرهابية”. ”ثوار” سوريا، منطقيون عندما يرفضون هذا الحكم. والأوروبيون يفضلون الإستفادة من ”الضبابية”، عندما يتظاهرون بأنهم ”يريدون التحقق قبل أصدار الأحكام”. عندما نقول أن سوريا تتعرض لحرب، لا نكون في موقع الدفاع عن شخص أو عن نظام، وإنما ندين الاستعمار والعدوان دفاعا عن بقاء سوريا وعن وحدة شعبها. عماد سالم درويش