صعّد القضاة المنضوون تحت لواء نقابة جمال العيدوني، أمس، لهجتهم تجاه السلطات الوصية، حيث طالبوا بضرورة ضمان استقلالية العدالة بكل ما تحمله الكلمة من معنى في التغيير الدستوري المرتقب، وإقرار نظام شبه رئاسي، كما انتقد البعض منهم عدم تمكنهم من تحريك دعاوي قضائية في ملفات الفساد ونهب المال العام بسبب ضغوط السلطة التنفيذية. عرفت، أمس، أشغال المجلس الوطني لنقابة القضاة بإقامة القضاة الذي خصصت لمناقشة الوضعية الاجتماعية والمهنية لهذه الفئة، إلى جانب دراسة موضوع التغيير الدستوري المرتقب بعد أسابيع لغة مغايرة لتلك السطحيات والعموميات التي عرفتها أشغال نقابة القضاة الذي يرأسها جمال العيدوني، حيث اعتراف العديد منهم أن استقلالية القضاة بالجزائر غير مكفولة، مقارنة بما هم عليه في العديد من الدول، مستدلين بتقرير مصطفى فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان. وصبّت مقترحات القضاة في مشروع التعديل الدستوري المرتقب على ضرورة ضمان استقلالية العدالة، ولن يكون ذلك حسب العيدوني إلا بسلطة قضائية بما تحمله كلمة سلطة، وكذا دسترة مهام المجلس الأعلى للقضاء، وتعيين نائب الرئيس في هذا المجلس من المحكمة العليا، وسحب وصاية المفتشية العامة للقضاء من العدل إلى المجلس الأعلى للقضاء، مع إعادة النظر في الأجور بوضع ميزانية مستقلة، وفي هذا الصدد انتقدت النقابة تهميش القضاة في مراجعة أجور إطارات الدولة التي تمت صائفة 2010. ومن مقترحات نقابة القضاة في التعديل الدستوري المقبل حسب العيدوني إقرار نظام شبه رئاسي يقر بمبدأ الفصل بين السلطات، وتوسيع مجال الحريات، ودعم حريات التعبير لضمان عدالة المجتمع، وإلغاء التعيينات في بعض المناصب النوعية في سلك القضاة واستبدالها بالانتخابات. كما انتقد القاضي بوصوف من النقابة بعض التشريعات الأخيرة، خاصة تلك التي تنص على مبدأ عدم قابلية بعض القرارات للطعن، ما يعتبر حسب المتحدث تناقضا صارخا مع بعض مواثيق الأممالمتحدة وحقوق الإنسان، كما استهجن أعضاء النقابة لدى المناقشات الانتقادات التي توجه لنقابة القضاة. في سياق آخر، انتقد قضاة مختلف المجالس القضائية، وفي العلن لأول مرة في اجتماع للمجلس الوطني عدم تمكنهم من تحريك بعض الدعاوي القضائية ذات الصلة بملفات الفساد والرشوة وتبديد المال العام، خاصة في هذا الوقت بالذات الذي تتبنى فيه الدولة الحرب على الفساد، مشتكين من الضغوطات التي تمارس عليهم من السلطة التنفيذية، وأعطى العيدوني مثالا بالذي حدث سابقا مع وزير الداخلية والجماعات المحلية.