بوحارة "أمينا مؤقتا"، سعيداني لا يحظى بالإجماع وآخرون أخفوا طموحهم المنتصرون يطمئنون جماعة بلخادم بعدم القصاص أقصى الصندوق الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم، من منصبه بفارق أربعة أصوات فقط، في سابقة تاريخية في مسار الحزب والأحزاب السياسية الجزائرية برمتها، باعتبار أنه لأول مرة يحتكم إلى صندوق شفاف لتثيب الثقة أو نزعها من زعيم حزب سياسي. حسم، أول أمس الخميس، الصراع الناشب داخل الأفلان بطريقة ديمقراطية وبعيدا عن سيناريوهات العنف، بفضل التغطية الأمنية الواسعة بمحيط فندق الرياض بسيدي فرج وداخل القاعة وفي بهو الفندق، بشكل حال دون إفساد السير الحسن للأشغال. وعند انطلاق عملية التصويت ظهر أن فريق التقويمية وأعضاء اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني المعارضين لبلخادم، متيقنون من رحيل هذا الأخير. وأكدوا أنهم جمعوا 260 توقيع لأعضاء اللجنة المركزية تدعو الى سحب الثقة، ودخلوا القاعة وكلهم أمل في تحقيق ذلك بسهولة، لكن المفاجأة التي صنعها الصندوق فيما بعد كانت غير متطابقة تماما وتوقعات المعارضين، حيث فاز خيار سحب الثقة بفارق أربعة أصوات فقط، بعد أن سجّل فريق المعارضة 160 صوت مقابل 156صوت لصالح تثبيت الثقة في بلخادم. ومن الاستثناءات الأخرى التي ميزت عملية التصويت هو الانقلابات الأخيرة لبعض أعضاء اللجنة المركزية للحزب ساعات بعد انطلاق العملية، أي بعد وصول الوزراء الى بهو فندق الرياض، وسماع تصريحاتهم المنادية برحيل بلخادم، وتشكل إجماع أن هذا الموعد تاريخي ومصيري في حياة الحزب. ووسط هذا الجو المشحون فضّل 12 عضو من اللجنة المركزية عدم الحضور الشخصي ومنح وكالات لأصدقائهم، وحرية الاختيار وفق التيار الغالب والأجواء التي تسبق التصويت وهو نفس عدد الأعضاء المتغيبين عن الدورة حتى لا يحسبون على أي طرف ويبقون في الحياد. أما التسعة أعضاء الآخرين فهم من جمّد بلخادم عضويتهم ومنعوا من الحضور، وفي مقدمتهم محمد الصغير قارة والهادي خالدي الذين انزووا في فندق المرسى وبقوا يتابعون الأشغال بالهاتف. ورغم ذلك تمسك فريق آخر بالأمين العام حتى آخر لحظة، وبقى يتابع الأشغال حتى فرز الأصوات في حدود الساعة الرابعة من طرف محضر قضائي، خاصة بالنسبة لمناضلي الجنوب وبعض الوجوه الجديدة التي وصلت إلى مناصب بالحزب بفضل الدعم الذي قدمه لها بلخادم. الأمر الآخر الذي جعل الدورة السادسة للجنة المركزية تصنع الاستثناء التاريخي، هو الاحتكام إلى الصندوق الشفاف الذي جاء كممارسة ديمقراطية حقيقية، وسابقة في تاريخ الأحزاب السياسية في الجزائر برمتها، خاصة وأن ذلك تم بحضور جميع وسائل الإعلام وفي جو هادئ حتى وإن خيم الضغط على الحضور من الجانبين. وهكذا انتهى الصراع الذي دام ثلاث سنوات كاملة داخل البيت العتيد بإقصاء بلخادم من أمانة الحزب، وأصبح التحضير لمرحلة جديدة من تاريخ الحزب هو أهم حدث الآن على الإطلاق. شريفة عابد بلخادم يفشل في فرض الانتخابات اليوم للعودة إلى الحزب بوحارة ”أمينا مؤقتا”، سعيداني لا يحظى بالإجماع وآخرون أخفوا طموحهم شكّل السيناتور عبد الرزاق بوحارة إجماعا داخل اللجنة المركزية من الطرفين لتولي منصب الأمين العام مؤقتا، فيما فشل في ذلك عمار سعيداني الذي لم يشكل إجماعا، هذا وقد فشل بلخادم وبعض الأسماء الموالية له في فرض انتخابات تعيين الأمين العام اليوم على أمل ترشحه من جديد في المنصب الذي غادره، أمس. يتجه الإجماع داخل اللجنة المركزية للأفلان التي سحبت، أول أمس، الثقة من عبد العزيز بلخادم كأمين عام للجبهة والذي يتولاه منذ المؤتمر الجامع لسنة 2005، إلى تزكية السناتور عن الثلث الرئاسي عبد الرزاق بوحارة في منصب أمين عام مؤقت، إلى غاية انتخاب أمين عام جديد للحزب لاحقا. وقد تم تزكية بوحارة لتولي المنصب في وقت ظهرت فيه طموحات رئيس المجلس الشعبي الوطني الأسبق عمار سعيداني لتولي المنصب، غير أنه لم يحظ بإجماع أطراف النزاع في اللجنة المركزية. وحسب مصادر ”الفجر”، من فندق الرياض، فإن العديد من الأسماء كانت طامحة هي الأخرى لمنصب الأمانة العامة، وإن كانت الأغلبية لم تجهر بالمسعى سوى لمقربيهم كعبد الكريم عبادة عضو اللجنة المركزية ورئيس حركة تقويم وتأصيل الحزب، إلى جانب السيناتور صالح ڤوجيل، وعضو المكتب السياسي ووزير التعليم العالي رشيد حروابية الذي مال في الأسابيع الأخيرة إلى كفة المعارضين لبلخادم نكاية في عدم وصوله إلى منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني مكان العربي ولد خليفة، كما كان موعودا به. من جهة أخرى، زكّت اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني الإبقاء على الدورة مفتوحة وعدم التسرع لانتخابات تعيين أمين عام جديد إلى غاية إجراء مشاورات، تفاديا لأي انشقاقات جديدة، ورصا لصفوف الحزب استعدادا للاستحقاقات المقبلة لعل في مقدمتها الانتخابات الرئاسية لسنة 2014، وهو ما أجهض سيناريو بلخادم للترشح مجددا على رأس الأمانة العامة للحزب العتيد. رشيد. ح وزراء الأفلان يرافعون لأولوية لم الشمل المنتصرون يطمئنون جماعة بلخادم بعدم القصاص أجمع عدد من وزراء حزب جبهة التحرير الوطني الذين اقتربت منهم ”الفجر”، أن أهم شيء خلال المرحلة القادمة هو لم شمل المناضلين، توحيد الصفوف وإعادة من تم إقصاؤهم بطريقة غير شرعية من الحزب خلال مرحلة الشقاق طيلة 3 السنوات الماضية. وثمّن وزير البريد وتكنولوجيات الاتصال موسى بن حمادي، الطريقة التي تمت بها عملية التصويت، مواصلا أن الاهتمام الأكبر هو عودة الإطارات إلى حضن الأفلان والحزب في حاجة لنسائه ورجاله. وأوصى بن حمادي، أنه لا ينبغي النظر لعملية التصويت من منطق الغالب والمغلوب وإنما من منطلق التسوية للاستمرار في مرحلة البناء، مؤكدا أن ما وقع في الرياض هو تدشين لثقافة الديمقراطية داخل الحزب العتيد. وزير العمل الطيب لوح، ثمّن من جهته طريقة التصويت التي تمت بها علمية سحب الثقة، وقال إن الأهم الآن هو تجاوز الخلافات والاتجاه نحو مرحلة البناء، بعيدا عن الخلافات مؤكدا أن منصبه الحكومي أهم من ترشحه للأمانة العامة في الوقت الراهن.من جهتهم رشيد حراوبية، عمار تو ومحمود خذري، ثمنوا الجو الديمقراطي الذي تمت فيه عملية التصويت، مؤكدين أنهم لن يدخروا أي جهد في عودة جميع المقصيين واستكمال مرحلة البناء داخل البيت العتيد. نظرة إطارات الأفلان ومجاهديه لم تكن بعيدة عن لم الشمل، وبعثوا برسائل مفادها عدم وجود أية نوايا إقصاء للأنصار بلخادم من الحزب، وقال عبد القادر حجار، إن الطريقة التي تمت بها التصويت كانت استثنائية وجيدة للغاية ومؤشر حقيقي على أن الأفلان يستطيع حل مشاكله ببيته وفي جو أخوي. عبد الكريم عبادة، المنسق الوطني لحركة التقويم قال إن جميع أنصار بلخادم، سيعاملون كغيرهم من المناضلين بطريقة شرعية وفق القانون الأساسي والنظام الداخلي، وخاطبهم بلغة الحوار والتفاهم وبعيدا عن أي إقصاء، مشيرا إلى أن المرحلة القادمة ستكون نهاية لمرحلة الإقصاء والتهميش. ووعد عبادة على لسان جميع المصوتين لصالح رحيل بلخادم بوضع نهاية لمرحلة الفساد والترهيب. وبعث الهادي خالدي ومحمد صغير قارة برسائل لجميع المقصيين على يد الأمين العام السابق، مجددين فتح الباب أمامهم. شريفة عابد قال إنه لم يفصل بعد في ترشحه مجددا من عدمه بلخادم: ”خرجت من الأفلان مرفوع الرأس” تقبل عبد العزيز بلخادم نتائج الصندوق وقال إنه خرج مرفوع الرأس من الحزب، ولم يجد في جعبته سوى مواساة أنصاره بالقول ”آمل أن من يأتي بعدي يكون أفضل”. وعلى الرغم من أن ملامح الأسى كانت بادية على وجه الأمين العام السابق للأفلان، إلا أنه استجمع قواه من أجل قول كلمة أخيرة لمناصريه الذين تمسكوا ببقائه على رأس الحزب، حيث اعتبر أن المناخ الذي جرت فيه عملية التصويت كان جد ديمقراطي، وتمنى أن يكون من يخلفه من على رأس الحزب أفضل منه. كما ثمن بلخادم الجو الذي تمت فيه عملية سحب الثقة، مستعملا عبارة ”بعيدا عن الانقلابات” في إشارة إلى الطريقة التي تمت بها إزاحة الأمناء السابقين، الذين غادروا عبر انقلابات وسيناريوهات بعيدة عن ذلك الذي شهدته قاعة الرياض، أول أمس الخميس. ولم يقر بلخادم بأخطائه التي عددتها المعارضة، بل قال إن الأفلان انتصر وإنه خرج مرفوع الرأس، معتبرا أن فوز الأفلان في الانتخابات التشريعية ثم المحلية هو أكبر دليل على ذلك، ثم غادر المنصة التي قبع فيها قرابة خمس ساعات وهو يتابع ما سيخرجه الصندوق. ووسط هذا الجو المهيب تعالت أصوات هاتفة عبد الرزاق بوحارة، ليهرع بعدها الهادي خالدي ومحمد الصغير قارة إلى القاعة التي كانت محرمة عليهم حتى إعلان نتائج الصندوق. وشكل الوزراء فريقا واحدا وأطلقوا تصفيقات حارة بعد إعلان النتائج وتبادلوا العناق والقبل، وكأنه يوم النصر الكبير جو زاد من حالة الضغط لدى بلخادم الذي غادر القاعة مسرعا، حيث بقي العديد من أنصاره تحت وقع الصدمة، وذهب بعضهم إلى ذرف الدموع والاختباء في المراحيض تجنبا لسخرية معارضيهم. وفي سياق متصل قال بلخادم، أمس، إنه لم يفصل بعد في مسألة ترشحه مجددا لمنصب الأمانة العامة من عدمه، مذكرا أن الرئيس بوتفليقة لم يتدخل لا من قريب ولا من بعيد في أشغال وجدول أعمال اللجنة المركزية للحزب، قائلا: ”إن بوتفليقة لا تنقصه مشاكل حتى تضاف إليه مشاكل الحزب”. ونبّه بلخادم أن أعضاء اللجنة المركزية المجتمعون منذ الخميس ”لا يمكن أن يجمعوا على شيء، قدر إجماعهم على رأسي وتنحيتي من منصبي”.