أسقطت اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم من على رأس الأمانة العامة للجبهة بفارق أربعة أصوات، بعد عملية تصويت دامت خمس ساعات كاملة، وهو نفس الفارق الذي أسقط به المرحوم عبد الحميد مهري من على رأس الأفلان قبل 17 عاما. صوت، الخميس، 160 عضوا لسحب الثقة من عبد العزيز بلخادم مقابل 156 عضو لتجديد الثقة به كأمين عام للحزب، من أصل 318 عضو حضروا أشغال الدورة العادية للجنة المركزية للحزب التي تضم 330 عضوا، والمنعقدة بفندق الرياض بالعاصمة تحت مراقبة أمنية مشددة وترسانة تمثلت في قوات تدخل من عناصر الدرك الوطني المحيطة بالفندق وعشرات من عناضر الأمن بالزي المدني داخل القاعة. وشكل فارق الأصوات البسيط المقدر بأربعة حالة من القلق بين الجناحين المتصارعين على الحزب العتيد مما دفع بالمحضرة القضائية إلى إعادة حساب أوراق التصويت بعد الفرز لثلاث مرات متوالية، انتهت بتأكيد سحب الثقة لترتفع الأصوات بالتهليل وسط المعارضة وتعالت الزغاريد، ولم يتردد عبد العزيز بلخادم عن التصفيق والابتسام وهو يعبر عن قبوله للنتيجة المحققة بكل روح رياضية، مفتخرا ب "تكريس مبدأ الديموقراطية والشفافية من خلال اللجوء للصندوق". وحسمت الأصوات الملغاة السبعة مصير بلخادم، ورجحت كفة خصومه. وأمسك بلخادم أعصابه وهو فوق المنصة طوال خمس ساعات من بداية التصويت على الساعة ال 11 إلى غاية الرابعة والربع زوالا، خاصة وأنه ساعة دخوله القاعة مبتسما صدم بوقوف خمس صفوف فقط ممن صفق له من أصل 14 صفا، في وقت فضل الوزراء المعارضون الصفوف الوسطى على غرار عبد القادر مساهل ورشيد بن عيسى، وفضل كل من رشيد حراوبية والطيب لوح الصف الأخير برفقة كريم عبادة، في حين بقي موسى بن حمادي بين التجول والجلوس وفضل رشيد بوكرزازة الوقوف في آخر القاعة، وتوقف التصويت بعد ربع ساعة بسبب الفوضى بشأن الوكالات قبل أن تستأنف العملية التي أقلقت بلخادم قبل أن يتدخل حارسه الشخصي ليصب له كوبا من الماء، وكان بلخادم يبدو عليه التوتر ساعة تصويت خصومه ويبدي ارتياحا ساعة تصويت مؤيديه، وكان خط الوسط الذي يجلس فيه النائب قمامة عن ولاية تمنراست وهو أحد أعيان التوارق خطا فاصلا بين المؤيدين في الأمام يتقدمهم المحافظون والمعارضة في الخلف. وكانت قوات التدخل السريع قد اصطفت في الخارج استعدادا لأي مواجهة بمجرد الإعلان عن النتائج، فيما عبر الموالون لبلخادم عن تخوفهم من تأزم الوضع ببقاء الدورة مفتوحة لمدة طويلة، خاصة وأن المعارضة لديها أربعة مرشحين، هم عمار سعيداني، عمار تو، عبد الرزاق بوحارة ورشيد حراوبية، غير أن عددا من أعضاء اللجنة من المعارضة بادر لرفع يد بوحارة منادين باسم الجبهة بمجرد إعلان سقوط بلخادم، معتبرين أنه مرشح توافق لتسيير الفترة المؤقتة. وصرح عضو باللجنة المركزية مقصى من طرف بلخادم التقته »الشروق« خارج القاعة، بأنه حضر اللجنة المركزية التي أسقطت مهري وقال: "إنه نفس السيناريو ونفس الفارق أي بأربعة أصوات". . عبر عبد العزيز بلخادم الامين العام لحزب الافلان المسحوبة منه الثقة مباشرة بعد إعلان نتائج عن افتخاره بالسير الحسن للعملية التي دعا إليها من محض إرادته بإنهاء الصراع داخل الحزب بحكم أن القانون الاساسي يؤكد أن انتخابه يدوم خمس سنوات ولا يتم اللجوء إلى الصندوق لإعادة انتخابه إلا في حالات وفاة الامين العام أو استقالته. وقال بلخادم "مبروك على الجبهة، لقد كرست ممارسة الديموقراطية فمبروك علينا وهذه هي المنافسة الديموقراطية التي يجب أن نكرسها، وأتمنى أن يوفق من يخلفني"، قبل أن يحمل أوراقه ويغادر القاعة. وعند خروجه من القاعة صرح للصحافة "انتصرت لأن الحزب انتصر وأخرج مرفوع الرأس وحققت نجاحات في عهدتي". حجار: بلخادم لم يغادر إلا بعد أن وقعت معارك في الشوارع أكد عبد القادر حجار أن سيناريو الاطاحة ببلخادم كان أسوأ من سيناريو المرحوم عبد الحميد مهري، معتبرا أن مهري فهم الرسالة واستقال، موضحا أن في رده عن سؤال الشروق: "بلخادم لم يغادر إلا بعد أن حصلت معارك في الشوارع وأحاط اجتماع اللجنة عناصر من الجيش قد يفوق التعداد الذي واجه الارهابيين في عين أمناس". بوحارة: هذه محطة لتغيير الفكر السياسي للأفلان رفض عبد الرزاق بوحارة تأكيد التزامه بقبول منصب الأمين العام من عدمه، واكتفى بتأكيد ضمني بقوله، "حكمة الأفلان أن المسؤولية لا تطلب وحينما تعرض لا ترفض"، واعتبر محطة إسقاط بلخادم مرحلة لتغيير الفكر السياسي للحزب، وقال إن الانتصار هو انتصار للديمقراطية وللحزب وانطلاقة جديدة، وهو ما يسمح بإعادة النظر في الفكر السياسي داخل الحزب، والانتهاء من العنف نهائيا ومن الاقصاء. مساهل: عهدة بلخادم كرست الانشقاقات أكد الوزير عبد القادر مساهل عضو اللجنة المركزية أنه لم يكن ضد شخص بلخادم وأنه تمسك بتوقيعه سحب الثقة إلى آخر لحظة، معتبرا أن عهدة بلخادم كرست الانشقاقات داخل الحزب العتيد، مما جعله ينادي بسحب الثقة رفقة مجموعة الوزراء من زملائه في الحكومة المنتمين للحزب المحسوب على السلطة، موضحا أن بلخادم صديقه لمدة 50 سنة وهو لا يطعن في شخصه بل في قيادته للحزب. بن حمادي: بلخادم لم يكن في مستوى القيادة أفاد الوزير موسى بن حمادي عضو اللجنة المركزية للأفلان أنه بقي متمسكا بالتوقيع رفقة مجموعة الوزراء المعارضين، مؤكدا أن بلخادم لم يكن في مستوى القيادة المطلوب، موضحا أن الافلان كان يفترض أن يكون مثالا لبقية الاحزاب في الساحة ويكرس فكرة لم الشمل والاجماع على القائد ولا يكون حزبا للصراعات بحكم أنه حزب قاد البلاد للاستقلال.