سألت مرة بعض الزملاء الصحافيين عن سبب استسلامهم وقبولهم بالأمر الواقع إزاء ما تعرضوا إليه من حيف وظلم، وجراء ما لحقهم من أذى مادي ومعنوي بعد عملية الاحتيال والسطو على الوسيلة الإعلامية التي أسسوها واستفرد بها أحد الشركاء بغير وجه حق، رغم الأحكام القضائية التي تثبت أحقيتهم، رد الزملاء بأن الوقت لم يحن بعد للمطالبة بإرجاع هذا الحق (وميزان القوى) ليس في صالحنا وإننا ننتظر تغييرا في جهات (ما) لإعادة بعث قضيتنا التي لن نسكت عنها أبدا.. صحيح، كم هو مؤلم ومقرف ومحزن أن تتعرض إلى الظلم من طرف الجهة أو الجهات المفترض منها حمايتك، والأكثر ألما حين تنصفك العدالة ويصر ظالموك على إيذائك والإمعان في نزع الحق منك وإجبارك على السكوت حتى لا تشوش على ظالم، ليس غريبا ولا بيعدا عن التصور أن تلتحق (الحڤرة) إلى مستويات قصوى، فيصبح عرضنا مستباحا وشرفنا منتهكا من طرف من تكون (موازين القوى) في صالحه... وإني والله لم أر أبشع ولا أفظع من مثل هذه الممارسات التي قادت إلى الثورات في بعض البلدان وخاصة في تونس ومصر.. لقد آن الأوان لاستيعاب الدروس والاستفادة منها جيدا إذا أردنا تجنيب بلادنا زلازل اجتماعية جراء هذا الاحتقان الشعبي الكبير وهذا الضغط الممارس على مختلف الطبقات... علينا إعطاء حرية أكبر لعدالتنا وإجبار المتقاضين مهما كانت صفتهم ومسؤولياتهم على الرضوخ لأحكامها وتنفيذها... على مؤسسات الدولة الجزائرية بدءا من رئاسة الجمهورية إلى الجماعات المحلية أن تتحلى بالمصداقية وأن تكون ممارساتها مطابقة لخطابها، وأن تتجنب المفاضلة بين أفراد الشعب الواحد على أساس عرقي أو إثني أو اجتماعي أو ثقافي لغوي، ووضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار، لننبذ سلطة المال وسلطة الجهوية المقيت، ولنفعّل ما نختزنه من قيم نبيلة ومبادئ سامية وصفات كريم، فالتاريخ لا يرحم وملك الموت لا ينسى أحدا من الخلق مهما كانت قوته وجبروته، ولنعش في جزائر جميع أبنائها كرماء أعزاء أغنياء خير من أن نعيش على حساب تعاسة وقهر الآخرين...