تتضارب أنباء بشأن تقديم رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي استقالته، أمس، إلى رئيس الجمهورية المؤقت منصف المرزوقي، وبشأن تجديد ثقة هذا الأخير في الرجل، وتكليفه بتشكيل حكومة تقنوقراط وأحزاب جديدة. الرجل قدم استقالته معلنا فشله في مسعاه لتشكيل حكومة تقنوقراط مستقلة عن كل الأحزاب، والتي كان أعلن عن مبادرة تشكيلها غداة اغتيال الناشط السياسي والحقوقي شكري بلعيد. أوساط سياسية تونسية شككت في نية الرجل، ورأت في موقفه هذا هروبا إلى الأمام من قبل النهضة للتملص من مسؤوليتها في الجريمة، حتى تلهي الشعب التونسي بالحديث عن الحكومة، وتنسيه المطالبة بكشف الحقيقة ومن يقف وراء الاغتيال، وتبعد الأنظار عن سير التحقيقات. لكن ماذا سيترتب سياسيا عن هذه الاستقالة، إذا لم يجدد رئيس الجمهورية ثقته في الجبالي؟ فهل ستتجه تونس إلى نفق مظلم، خاصة إذا انفرد الغنوشي بالقرار السياسي بعدما نجح في تحييد الجناح المعتدل في النهضة الذي يمثله الجبالي؟ الكثير من الغموض يحيط بمستقبل حكومة جبالي في تونس، بل وبمصير جبالي نفسه، فإن فشل في فرض حكومة تقنوقراط التي يرفضها الغنوشي، معنى هذا أن تونس مقبلة على الفوضى، التي حذرت منها أوساط سياسية، اتهمت الغنوشي بوقوفه وراء الميليشيات المسلحة، ووراء قائمة الاغتيالات التي تسربت من وزارة الداخلية. وفي حال نجح رئيس الجمهورية في إقناع الجبالي بالبقاء على رأس الجهاز التنفيذي فهذا يعني أن المشاورات التي كان يقوم بها الجبالي بقصر قرطاج، بمشاركة قائد الجيش علي عمار، قد أثمرت، ويكون لتدخل الجيش هذا وبطريقة غير مباشرة في مصير البلاد ما سيجنب تونس المصير الذي بدأت أطراف تحذر منه، وهو غرق البلاد في الفوضى وفي الاغتيالات السياسية. الساعات المقبلة ستحمل الإجابة لكل هذه التساؤلات، لكن هل يكفي رأي الرئيس المؤقت وحده لتجديد الثقة في الجبالي، فالمرزوقي لم يكن له موقف واضح من الأزمة التي مرت بها تونس هذه الأيام، بل حتى الجبالي لم يستشره في مسألة حكومة التقنوقراط التي اقترحها، ورفضها الغنوشي وقاد ضدها مظاهرة السبت الماضي. ومهما كان مصير جبالي الذي يعتبره البعض صمام أمان هذه الأيام لمستقبل تونس، إلا أن أسماء في الحكومة كان يجب أن ترحل، منها صهر الغنوشي وزير الخارجية الذي اقترن اسمه بقضايا فساد وفضائح أخرى، ووزير الداخلية علي العريض الذي واجه المتظاهرين في سليانة بسلاح الرش مما أدى إلى إصابة العشرات بالجراح وبفقدان البصر.