كشفت العديد من جمعيات الأحياء في عنابة، عن تخوفها الكبير من تبعات إنجاز مشروع ترامواي عنابة، الذي سيغير مساره وجه العديد من المعالم العمرانية والسياحية الثمينة، من أهمها ساحة الثورة التي تعد الوجه التاريخي والعمراني لبونة القديمة، والتي قد تتغير معالمها جذريا بفعل الأشغال التي يفرضها مسار الترامواي. وحول هذه الإشكالية لم تقدم الجهات المسؤولة أي تفسير يخص رفع التحفظات حول ماهية أشغال الإنجاز التي تكون قد مرت السنة ال13 على انتهاء الدراسات بشأنها، بعدما تقاذفت مكاتب الدراسات هذا المشروع لسنوات، نتيجة عدم التوقيع على دفتر الشروط من قبل اللجنة الوطنية للصفقات، ما أدى لتجميد الصفقة التي كانت قد أبرمتها شركة مترو الجزائر، المسند ة لها عملية الإنجاز، مع الشركة الفرنسية سيسترا، بتكلفة مالية قدرت ب112 مليار سنتيم. وقد عرف المشروع بعد ذلك عددا من المشاكل المتعلقة بالدراسات التقنية، التي فصل فيها نهائيا مكتب دراسات كوري الجنسية، لتتم المصادقة على المشروع وفق التصميم المضبوط، ضمن ملفات الدراسة التي تقضي بتحديد المسار وسط المناطق الحضرية، على أن يتم الإعلان عن مناقصة المشروع بداية السنة القادمة، لتباشر بعد ذلك أشغال الإنجاز. وينتظر أن يمتد الخط على مسافة 22 كيلومتر، انطلاقا من حي واد القبة، مرورا بشاطئ ريزي عمر وصولا لساحة الثورة، ثم إلى منطقة سيدي عاشور، لينتهي مسار الترامواي في الرحلة النهائية عند محطة بلدية البوني بمجموع 34 محطة. وبالنظر لمسار ترامواي عنابة، الذي سيخترق ويعبر طريق معالم أثرية وأحياء معروفة بتواجد نشاط تجاري كبير، ناهيك عن قيمة البعض منها تاريخيا، يتخوف مواطنو عنابة أن يكون المسؤولون عن المشروع لم يراعوا الحفاظ على الجانب المعماري والتاريخي للمدينة، وأن ضرورات الأشغال ستجعلهم يضحون ببعضها بهدمها أوباختراقها، في غياب أي معلومات دقيقة تقنية توضح بالصور أو البيانات المسار الفعلي الذي ستسلكه سكة الخطوط المبرمجة للترامواي. من جهة أخرى، يتساءل آخرون عن طول مدة الأشغال والفترة الزمنية المحددة لانتهائها، خاصة أن لولاية عنابة ماض عريق في تسجيل الأرقام القياسية في عدد المشاريع المعطلة، أوالتي امتدت أشغال إنجازها لسنوات، مع كل ما سيسببه التأخر في عمر الورشات من متاعب يومية في التنقل، وما يتوقع أن تخلفه عمليات حفر الطرقات، التي من شأنها شل كامل الأنشطة التجارية للمحلات عبر مسار المشروع، ناهيك عن ركود حركة نقل سيارات الأجرة التي أكد أصحابها تغيير العديد منهم لأنشطتهم، مع ما قد ينجم عن غلق للطرقات التي ستتزامن مع غلق الأشغال لنفق الجسر الأبيض، الذي سيقضي على نشاط الناقلين نهائيا بسبب مدة الإنجاز المحددة ب6 سنوات كاملة قابلة للتمديد. وعلى خلفية هذه التوقعات التي تم إعلام جميع الجهات المسؤولة بها، غير أن وزارة النقل بقيت متمسكة بالإبقاء على مسار الترامواي الذي يخترق الأحياء الحضرية دون أي تغيير، على غرار ما تم في ولايات وهران، قسنطينة والعاصمة، حيث من المنتظر أن تدخل تغييرات جذرية وشاملة على قلب مدينة عنابة، الذي تعد بطاقة هويته الأولى ساحة الثورة ومنطقة ما قبل الميناء، وغيرها من المعالم التي قد تندثر نهائيا تاركة مكانها لمشروع الترامواي.