تعاني شريحة واسعة من تلاميذ الطور الابتدائي عبر غالبية مدارس بلديات ولاية عنابة، من التدني الكبير لمستوى الإطعام بشبه مطاعم كائنة بها، حيث تسجل يوميا تجاوزات يندى لها الجبين في حق البراءة التي لا تؤخذ أدنى الشروط الغذائية بخصوصها. تحوي مدارس ولاية عنابة أكثر من 208 مطعم لايرقى معظمها لمستوى التغذية المطلوبة لأطفال لا يتجاوزون ال 11 سنة، فقد تم تسجيل تجاوزات خطيرة في التعامل معهم من خلال تقديم وجبات اعتبرها الأولياء غريبة، مثل شطيرة خبز بالكسكسي، أو الاكتفاء بتقديم شطيرة خبز فارغة ونصح التلاميذ بحشوها بماهو مناسب في المنزل. واستغرب منذ أيام أولياء تلاميذ ابتدائية حي البرتقال، من مثل هذا التصرف الذي عجزت كل المفردات عن وصفه، في الوقت الذي لاتقوم فيه الجهات الوصية بأي عملية تفتيشية أو تقييمية لنشاط هذه المطاعم التي يتم استغلال البعض منها للبزنسة في الدروس الخصوصية، أو تحويلها لسكنات أو مكاتب لعمال إداريين على خلفية ما كشفته لجنة التربية والتكوين في تحقيق باشرته منذ 3 سنوات، بخصوص تحويل 3 مطاعم ببلدية العلمة لسكنات وظيفية، وأخرى حولت لحجرات دراسية، ناهيك عن تخصيص البعض لتقديم الدروس الخصوصية من قبل معلمين احترفوا بزنسة فاحشة في رسالة نبيلة اضطلعوا بها، أمام براءة قد لا تفرق بين ما هو واجب وما هو انتهاك لحقوقها.من جانب آخر، تعد المطاعم التي تقدم وجبات ساخنة، على الأصابع في ولاية عنابة، حيث يتم الاعتماد على تقديم وجبات باردة قد تقتصر في بعض الأحيان على كمية من الخبز الناشف فقط، مع العلم أن عاملات نظافة يتولين عمليات الطبخ في المطاعم التي تقدم وجبات ساخنة للأطفال، حيث أنه يستحيل وجود طباخين مؤهلين يقومون بعمليات الطهو، لتلاميذ الطور الابتدائي، والأدهى والأمر أن تلك العاملات يقمن بالطبخ وتوزيع الوجبات والتنظيف في آن واحد، ما حول عديد المدارس على غرار مدرسة “لالة فاطمة نسومر” لمركز متعدد الخدمات، في الوقت الذي تغيب فيه بشكل شبه كلي النظافة من مطاعم أخرى، يشكل الطبخ فيها مأساة صحية تستوجب اتخاذ إجراءات ردعية للتمكن من وضع حد لها. وأمام الوضعية الكارثية التي يعرفها الإطعام المدرسي في عنابة، تبقى مبادرات الجهات الوصية على الشأن التربوي جد محدودة بسبب محدودية التمويل المالي الموجه لهذه الخدمة التي تبقى جد متردية، في الوقت الذي تطرح إشكالية تلاميذ مرضى نفسها بقوة في عنابة، حيث تبقى معاناة تلاميذ مصابين بداء السكري ومختلف الأمراض الهضمية عائقا معقدا بالنسبة للأولياء، الذين استغنوا كليا عن خدمات هذه المطاعم، وتحميل التلميذ وجبة متنقلة ترافقه للمدرسة، في ظل غياب شامل لأي تكفل من قبل الأسرة التربوية لهذه الفئة المحترمة العدد في مدارس عنابة. وتجدر الإشارة أن نهاية كل سنة دراسية، يشهد يومها الأخير ما يشبه النفقة العمومية على آلاف تلاميذ جميع الأطوار، حيث يسخر غلاف مالي هام لتقديم الفواكه، المياه المعدنية، المشروبات وغيرها من المواد الغذائية للمتمدرسين، الذين ترتسم على وجوههم فرحة استثنائية بعد معاناة مريرة لأشهر طويلة مع وجبات قيمة الواحدة منها لا يتعدى 20 دينارا، ما يستوجب إعادة النظر في البرنامج الغذائي لتلاميذ الأطوار الدراسية، والذين يدفعون يوميا ثمن “تجاهل ولامبالاة المسؤولين وإجحافهم الكبير في تحسين وضعية العديد من المطاعم المدرسية” من خلال التمويل المالي المحترم لها، ضمانا لصحة المتمدرسين الذين تبقى وضعيتهم الحالية على المحك تنتظر مبادرة جادة لتغيير الوضع الراهن.