تنتشر في الشارع الجزائري سلوكات غير صحية و عادات سيئة في التعامل مع الأدوية تنم عن انعدام الثقافة الصحية في مجتمعنا. فإضافة إلى شراء الأدوية بدون وصفات طبيبة يفتقر قطاع واسع من الشارع الجزائري إلى ثقافة التعامل و تناول الأدوية، مثل المضادات الحيوية. يعمد بعض الناس كثيرا إلى التوقف عن تناول الأدوية والمضادات الحيوية التي يصفها الطبيب قبل نهاية المدة المحددة للعلاج، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث مضاعفات صحية أخرى قد لا تنفع معها حتى المضادات مستقبلا، أو الإفراط في الاعتماد على المضادات الحيوية رغم ما يسببه ذلك من إضعاف للجهاز المناعي. يؤدي الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية إلى جعل الجرثومة مقاومة للأدوية المستخدمة، وبالتالي يصبح علاج الأمراض المستعصية صعبا، ما يجعلها مشكل صحي متفاقم الخطورة وقد يؤدي على المدى الطويل إلى إبطال مفعول المضادات الحيوية كليا. يشكل تناول المضادات الحيوية جزءا مهما في أجندة الصحة العمومية لأي دولة، لهذا عمدت منظمة الصحة العالمية قبل سنتين إلى إرساء ثقافة مكافحة أو “مقاومة المضادات”، في يوم عالمي أعطته دعما دوليا للحد من الأخطار الناجمة عن كثرة تناول أو الإدمان على المضادات الحيوية. وقد حثت منظمة الصحة العالمية جميع الدول على رسم سياسة صحية كفيلة بالحد من ظاهرة انتشار الاعتماد الكلي على المضادات الحيوية وترشيد استهلاكها. وقدرت المنظمة العالمية عدد الذين يموتون سنويا جراء العدوى ببكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية ب25 ألف شخص ببلدان الاتحاد الأوروبي. واستنادا إلى أرقام المنظمة العالمية فإن اليونان وقبرص أكبر الدول التي توصف فيها المضادات الحيوية. يشير خبراء الصحة العالمية إلى أن المستشفيات والمراكز الصحية هي أكبر المناطق التي تنتشر فيها البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية، وهي نفس الدراسة التي أكدت أن 40 في المائة من أطفال العالم يتلقون مضادات حيوية غير ضرورية في سن مبكرة جدا، ما يتسبب لهم في التقليل من فعالية جهاز المناعة والاعتماد بصفة كلية على المضادات الحيوية التي تصير بمرور الوقت لا تصمد أمام أخطار الجراثيم والبكتيريا. كما أثبتت الدراسات أيضا أن الإفراط من تناول المضادات الحيوية عند الأطفال يسبب في حالات سمنة. وحذرت منظمة الصحة العالمية من الاستخدام الغير موضوعي للمضادات الحيوية، لأن هذا من شأنه أن يجعل الجراثيم الأكثر شراسة تنمو وتتكاثر، وقد تتطور إلى أشكال معقدة من البكتيريا والميكروبات التي لا تؤثر فيها أي نوع من أنواع المضادات. وبالنظر للمقاييس الدولية المعتمدة تصبح طرق استهلاك المضادات الحيوية في الجزائر مشكلا حقيقيا يستدعي التوقف عنده، خاصة أن نتائج دراسة سابقة للمركز الوطني ليقظة الأدوية، أجريت عام 2008 على عيادات العاصمة وحدها، كشفت أن المضادات الحيوية تشكل 42.55 ٪ من حجم الأدوية التي يقتنيها المواطن.