على غير العادة، يتم هذه السنة الاحتفال بيوم العلم، المصادف لذكرى رحيل رائد الحركة الإصلاحية في الجزائر العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، بعيدا عن الضجيج السياسي وسط أجواء ميزتها ملتقيات دولية ومعارض ونشاطات ثقافية ، وفي غياب كبار مسؤولي الدولة ”كبار القوم” إن صح التعبير، فلا رئيس الجمهورية ولا سلال ولا حتى وزير ينزل اليوم إلى قسنطينة ؟ اليوم الذي كان يحضره كل سنة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ويوجه به خطابا للأمة من قسنطينة، ونزول الحكومة، لم يعد منذ سنتين كذلك، فحتى الوزراء صاروا يغيبون عن هذا الحدث ذي الرمزية الكبيرة، ومع غيابهم غابت تحضيرات ”الماكياج”، ليفتح المجال لرجالات الفكر والثقافة. واكتفت مصالح ولاية قسنطينة بتوجيه دعوة للإعلاميين لمرافقة الوالي إلى مقبرة الشيخ بمنحدر بوذرع صالح أو ”لاسيتي”، كما يحلو للقسنطينيين تسميته وزيارة معرض للتراث الفكري والمادي للشيخ وحضور فعاليات الملتقى الوطني ”جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والثورة التحريرية ”. ويتساءل الكثير من المتتبعين للشأن الوطني والثقافي في عاصمة الشرق عن غياب المسؤولين التنفيذيين في السلطة المركزية عن هذا الحدث، هذه السنة، فحتى عندما كان يغيب الرئيس، وهو الذي عوّد القسنطينيين على مشاركتهم الاحتفالات بالمناسبة، كان يحضر من ينوبه ممثلا في رئيس الجهاز التنفيذي، فحتى سلال ابن الولاية، علمنا أنه لن يكون حاضرا اليوم، وأن كل الاحتفالات يشرف عليها الوالي، ويقتصر الحضور هذه المرة من جانب السياسيين على وزراء سابقين كزهور أونيسي ابنة قسنطينة وكذلك عزالدين مجوبي كمثقفين . وقد يكون لهذا الغياب على حد تعبير أحد مثقفي المدينة مفيدا للثقافة ولترسيخ أفكار الرجل بعيدا عن هرج السياسة، ونشاط التملق والتكليف فالأجواء مناسبة، لتنشيط المدينة ثقافيا وفنيا طيلة شهر كامل، ويكفي أن البرنامج يتضمن أزيد من 50 نشاطا ثقافيا وفكريا بملتقيات وطنية ودولية أبرزها الملتقى الدولي: ”الفكر الإصلاحي عند الإمامين إبن باديس الجزائري والنوريسي التركي”، الملتقى الوطني ”جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والثورة التحريرية”. وندوات فكرية ومحاضرات لها صلة جميعها بفكر العلامة الشيخ ومنهجه التربوي الأخلاقي، إلى جانب 11 حفلا فنيا، 40 معرضا، أمسيات أدبية وعروض مسرحية وتظاهرات رياضية مختلفة.