التعريف بالكتاب: كان كتاب قاسم أمين ”1863- 1908م” ”تحرير المرأة - 1899” أول كتاب أثار زوبعة، أومعركة فكرية واجتماعية في الثقافة والمجتمع العربيين الحديثين، مما دفع مجموعة من الكتّاب إلى الردّ عليه أهمهم: وعليها مراقبة الخدم بحيث لا يفلتون لحظة من مراقبتها، وبغير هذا يستحيل أن يؤتوا خدمتهم كما ينبغي. وعليها أن تجعل بيتها محبوبا إلى زوجها؛فيجد فيه راحته ومسرته إذا آوى إليه، فتحلوا له الإقامة فيه، ويلذ له المطعم والمشرب والمنام فلا يطلب المفرَّ منه ليمضي أوقاته عند الجيران أو في المحلات العمومية، وعليها - وهو أول الواجبات وأهمها - تربية الأولاد جسما وعقلا وأدبا. وظاهر أن تطبيق هذه الواجبات التي ذكرتها بالإجمال على العيشة الجارية بالتفصيل يستدعي عقلا واسعا ومعلمات متنوعة وذوقا سليما، ولا يتأتى وجود ذلك في المرأة الجاهلة وخصوصا ما يتعلق منها بتربية الأطفال. بالغنا في نسيان أن الأولاد هم صناعة الوالدين، وأن الأمهات لهن النصيب الأوفر في هذه الصناعة. بالغنا في اعتقاد أن الله يخرج الفاسد من الصالح، ويخرج الصالح من الفاسد، وأنه يوزع العقول ويهب الصفات كما يشاء. وهو اعتقاد صحيح إذا أُخذ من جهة أن الله قادر على كل شيء، ومن متناول قدرته أن يفعل مثل ذلك، فإن كان المقصود أن الله يمكنه أن يفعل مثل ذلك،فإن كان المقصود أن الله يمكنه أن يفعل مثل هذا فلا شك في قدرته سبحانه وتعالى، وليس مّنْ ينازع أنه لو شاء فعل ذلك. كما أنه لو شاء لجعل الناس أمة واحدة ولأنبت الحيوان من الأرض. لكن الله وضع للعالم سنة، وللحياة نظاما، وللمخلوقات نواميس تجري عليها أحكامها.. {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم}. وتاريخ الإنسانية من عهد وجودها على الأرض إلى الآن أيَّد ثبات هذه السنن واستمرارها. من أكبر مظاهر حكمته جلَّ شأنه هذه الحقيقة التي كشفها لنا العلم، وهي أن كل فرد من الأنواع الحية - وفيها النوع الإنساني - ليس إلا نسخة مطابقة للأصل المتولِّد منه؛ ففيه صورة نوعه الكلي وفيه صورة والديه خصوصا.بمعنى أن هذا الفرد يحتوي أولا على الخواص المميَّزة لنوعه، وعلى الصفات الخاصة بأبويه. ودلت الاكتشافات الحديثة أيضا على أن كل الملكات العقلية والأدبية في الإنسان إنما هي مظاهر من وظائف المخ. كما أن الصفراء من عمل وظيفة الكبد، وما يسمى عقلا أو عاطفة فلا عمل له إلاَّ عمل تلك الوظائف، وعملها تابع لحالة الأعصاب والمخ، وإنما مادة تلك الأعضاء متنتزعة من الأصل الذي تولدت منه. فلا ريب أن يكون لها تبعية عظمى لذلك الأصل، ثم من الظاهر أن الجسم لا يستغني في نموه وبقائه بما دخل فيه من تلك المادة الأولى بل لابد في النمو والبقاء من التربية والغذاء، فكذلك حال العقال والملكات لا يستغني في نموه وبقائه بما دخل فيه من تلك المادة الأولى بل لابد في النمو والبقاء من التربية والغذاء فكذلك حال العقل والملكات لا يستغنى بما أودعته المدارك والقوى من الاستعداد الأول بل لابد في ظهور أثرها وسيرها فيما أعدت له من الغذاء الذي يوافقها، والتربية التي تلائمها. فالوراثة والتربية هما الأصلان اللذان تر جع إليهما شخصية الطفل ذكرا كان أو أنثى، وليس هناك شيء وراء ذلك.