عشرات قضايا الفساد في طي الكتمان والعديد من الأجهزة متورطة الجزائر لا تملك جهاز رقابي فعلي على النشاطات الاقتصادية لم تكشف قضايا الفساد التي تورطت فيها كبريات المؤسسات الوطنية مؤخرا عن الخطر الذي يهدد الاقتصاد الوطني باعتبارها المسؤولة الأولى على إجمالي الدخل فحسب، وإنما أكدت بأن ترسانة القوانين التي ما فتأت تصدر في الجريدة الرسمية لتشديد ظروف النشاطات الاقتصادية والتصدي للممارسات غير القانونية والنهب، بالتالي المال العام لم تكن لها القوة الحقيقية لوجود الفراغات تارة، وانعدام الرقيب والرادع تارة آخرى، لتجسد المثل العامي القائل “المال السايب يعلم السرقة“ عشرات قضايا الفساد في طي الكتمان والعديد من الأجهزة متورطة الجزائر لا تملك جهاز رقابي فعلي على النشاطات الاقتصادية قال الخبير في الشؤون الاقتصادية، فارس مسدور، إن الجزائر لا تملك جهاز رقابي فعلي على النشاطات الاقتصادية، على الرغم من ترسانة القوانين التي تصدر في كل مرة بالجريدة الرسمية لإضفاء تعديلات على قوانين الاستثمار والأنشطة الاقتصادية الممارسة من قبل الشركات المحلية والأجنبية على حد سواء. وأكد المتحدث في اتصال مع “الفجر” أن مجلس المحاسبة الذي كان يقوم في وقت سابق بهذا الدور، تم تهميشه وجعل العمل الذي يقوم به لا يتجاوز الجانب الشكلي، في إشارة إلى عدم وجود آليات التي من شأنها ضمان احترام المتعاملين والمؤسسات القوانين والتزامهم بالأنظمة، ما يجعل حجم الفساد والصفقات المشبوهة في وتيرة مرتفعة يوما بعد يوم، وهو ما يفسر أيضا أن معظم قضايا الفساد أثيرت من طرف القضاء الأجنبي وليس من داخل الوطن عندما يتعلق الأمر بالصفقات والاستثمارات الأجنبية. وأوضح الخبير، تبعا لذلك، أن عشرات القضايا الاقتصادية التي تتعلق بالرشاوي والفساد لا تزال في طي الكتمان خاصة في حالة ما إذا كانت صفقات بين شركات محلية لعدم وجود الرقيب أو لتورط من يقوم بهذا الدور في بعض الأحيان، بينما تساءل المتحدث عن ظروف عمل واستثمار بعض المؤسسات الأجنبية في الجزائر كونها معروفة بتاريخ أسود في الفساد جعلها ممنوعة من مزاولة النشاط حتى في دولها الأصلية، وأشار مسدور في هذا الشأن إلى الشركة الكندية “سي أن سي لافلان” المتورطة في الحصول على صفقة انجاز المحطة الكهربائية “حجرة النص” عبر تسليم الرشاوي، وقال إنها تعمل في الجزائر منذ السبعينيات على الرغم من أنها موضوعة ضمن القائمة السوداء في كندا، قبل أن يضيف بأن الأمر نفسه مطروح بالنسبة ل”الشركات الصينية المعروفة عالميا باستعمالها الرشاوي في الصفقات الاقتصادية” ما يفسر حجم الخلل الذي أصاب شطر الطريق السيّار المنجز من طرفهم مكلفا الخزينة العمومية ملايير الدولارات، ليفرض إعادة النظر في طريقة حصول الشركات المعنية على المشاريع والآليات التي تضمن التزامها بدفاتر الشروط. وذكر فارس مسدور، من ناحية مقابلة، أن القانون الجزائري في الميادين الاقتصادية لا يكرس مبدأ الردع على الرغم من كونه الجانب الضروري في تجسيد القوانين واقعيا، وقال أنه بالنسبة لفعل لاختلاس المال العام الذي كان يجرم بجناية في قانون مكافحة الفساد وعقوبته تصل إلى حد الإعدام نظرا لخطورته على الاقتصاد الوطني، ألغي ونزل إلى جنحة فقط لا تتجاوز عقوبتها 16 سنة، متسائلا عن خلفيات وأسباب التي جعلت نواب الشعب تحت قبلتي البرلمان يصادقون على التعديلات مماثلة وتمريرها للدخول حير التنفيذ. وقال الخبير الاقتصادي كذلك أنه لا يكفي إصدار القوانين أو “التشديد” شكليا على ظروف مزاولة الأنشطة الاقتصادية، ما لم يتم تجاوز العقلية التي تكرس بيروقراطية الإدارة وعدم شفافية القوانين الأمر الذي يؤثر على المناخ العام للاستثمار ويضعف تنافسية الجزائر في جلب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات الأجنبية البناءة لصالح دول لا تحضى بنصف الإمكانيات الموجودة في الجزائر.