إنتاجية العامل الجزائري لا تتجاوز 22 دقيقة في اليوم العادي، فمابالك وهو صائم؟ كشف الخبير الاقتصادي الجزائري أرسلان محمد شويخي، الأستاذ بجامعة (ليمكوك وينج) للتقنية الإبداعية الماليزية، ل”الفجر”، أن الجزائريين أكثر كسلاً و خمولاً خلال شهر رمضان دون غيره من الشهور، وأن العمال تكون إنتاجيتهم في رمضان ضعيفة للغاية، وأشار إلى أن حوالي 50 بالمائة من العمال والموظفين يفضلون الاستفادة من عطلهم السنوية القانونية خلال شهر رمضان، فيما تلجأ فئة أخرى إلى التحايل باستفادتها من عطل مرضية خلال شهر رمضان الكريم، مؤكدًا أن شهر رمضان في عرف الجزائريين هو عطلة مدفوعة الأجر، أو على الأقل هكذا يتمنون أو يطمحون أن يكون عليه الوضع في المستقبل القريب. تشير بعض الإحصاءات والتقديرات إلى انخفاض رهيب في مستوى الأداء والإنتاجية خلال شهر رمضان الفضيل سنويًا، ويصل في كثير من الأحيان إلى أدنى مستوياته المطلوبة في القطاع العمومي بشكل خاص. فإضافة إلى ارتفاع نسبة طلب الموظفين على الاستفادة من عطلهم السنوية في هذا الشهر، فإن بقية الموظفين الذين يعملون خلال رمضان لا يلتزمون بالإنتاجية والأداء المطلوبين والحضور في ساعات العمل الرسمية، رغم إنقاص ساعتين بمنطقة الشمال وثلاثة ساعات بمنطقة الجنوب يومياً. الإنتاجية منخفضة بشكل رهيب خلال شهر رمضان رغم قلة ساعات العمل، وأيضا بسبب تغيب عدد كبير من الموظفين الأمر الذي يعيق معاملات ومصالح الناس وتوقفها وتأجيلها إلى ما بعد عيد الفطر. ويؤكد مراقبون ل”الفجر” أنه من سلبيات المجتمع الجزائري في الشهر الفضيل هو عدم الفهم الصحيح تجاه العمل كفضيلة، حيث تتعطل المصالح وتؤجل جميع المعاملات وقضاء الحاجيات إلى ما بعد شهرالصيام، فيما يتدنى الإنتاج ويتضاعف الاستهلاك وإحياء لياليه بمجالس السمر ومتابعة برامج الفضائيات والإبحار في عالم الأنترنت. ويؤكد مختصون أن معظم الميادين الإنتاجية في شهر رمضان يقل إنتاجها كالمؤسسات والقطاعات والمصالح الحكومية، مرجعين الأسباب إلى إهدار الليالي بالسهر، الأمر الذي ينعكس سلبًا على أداء الموظف ويجعله مصابا بالخمول والكسل، إضافة إلى أن أغلب العاملين في المرافق والمؤسسات العمومية بالأخص يستفيدون من عطلهم السنوية خلال شهر رمضان للمكوث في المنزل، خاصة مع تزامن شهر الصيام مع فصل الصيف الذي يشهد عادة انخفاض محسوس في نسبة العمل والنشاط والحيوية. موظفون يلتزمون بتقديم الحد الأدنى من الخدمات في رمضان أوضح الأستاذ عبد الكريم زقادة، وهو أخصائي اجتماعي، ل”الفجر”، أن وتيرة الحياة الاجتماعية والعملية تتغير في شهر رمضان بشكل عام، حيث أن عادات المجتمع اليومية وسلوكيات أفراده تصبح أقل انضباطاً وتنعكس سلباً على مجالات العمل وميادينه وأنشطته اليومية، وذلك نتيجة الصيام والسهر المبالغ فيه. ويتباين نمط النشاط بالنسبة لأغلب الناس، ففي مؤسسات وإدارات القطاع العمومي يكثر الكسل، والإهمال، والإرهاق ويدب في مفاصلها فيتعامل بعض الموظفين في الوزارات والمؤسسات الرسمية مع شهر رمضان على أنه شهر عطلة وراحة، ومن حقهم أن يأتوا ويذهبوا لمكاتبهم كما يريدون وقتما يشاءون، وعلى المواطنين أن يتحملوا هذه العادات الوظيفية الخاطئة التي لا تتوافق مع روحانية هذا الشهر الكريم، ونتيجة لذلك تتدنى كفاءة الأداء ويضعف نشاط وإنتاجية الموظفين. ويؤكد محدثنا أن التكاسل عن أداء العمل وسوء التعامل بحجة الصيام وضعف تسوية مصالح المواطنين من قبل العاملين في شهر رمضان أو في غيره من الشهور، أمر مشين و مرفوض من طرف الجميع، ومن يمارس ذلك يجب أن يعاقب إدارياً ويحاسب على ذلك، لأن تعطيل مصالح الناس لا عذر له، لأن شهر رمضان ليس شهر للبطالة والتخاذل وإنما هو شهر لبذل المزيد من المجهودات. إنتاجية العامل الجزائري لا تتجاوز 22 دقيقة في اليوم أما الخبير الاقتصادي فيصل بن عبيد فقد كشف، ل”الفجر”، أن كثيرا من التقارير الرسمية ذكرت أن 70 بالمائة من الموظفين الجزائريين في مختلف المؤسسات والإدارات يتغيبون عن العمل بصفة دائمة، وأن إنتاجية العامل الجزائري لا تتجاوز 22 دقيقة في اليوم من إجمالي 7 ساعات يقضيها في مكان عمله هذا في الأيام العادية، وعلينا أن نتصور الوضع خلال شهر رمضان، الأكيد أن إنتاجية العامل الجزائري خلال شهر رمضان كارثية بكل المقاييس، وهي نسبة متدنية جدًا على المستوى العالمي. ويشير محدثنا إلى أن كثيرا من الموظفون ينظرون إلى أعمالهم ومهامهم الوظيفية اليومية على أنها نشاطات ليس لها أي معنى ديني أو أخلاقي أو وطني. وتوقع ذات الخبير الاقتصادي أن تصل خسائر الاقتصاد الجزائري بسبب انخفاض إنتاجية العامل نحو 1.2 تريليون دج. وأشار محدثنا إلى أن دخل العامل الجزائري - رغم الزيادات المعتبرة خلال السنوات الأخيرة وبلوغ الحد الأدنى للأجور وطنيًا سقف ال18 ألف دج - من اقل العمال دخلاً على المستوى الدولي إذ لا يتجاوز اجر العامل 15 دولارًا عن كل ساعة فيما يبلغ المعدل الدولي حوالي 60 دولارًا. وأكد الخبير الاقتصادي أن الاقتصاد الجزائري - الذي يعتمد أصلاً على المحروقات بنسبة 99 بالمائة - لن يتعافي في ظل إنتاجية العامل الجزائري التي لا تتعدي 22 دقيقة في اليوم، وهو وقت ضئيل بالنسبة لإنتاجية العامل في الدول الأخرى. تغيير مواقيت العمل في رمضان ساهم في ارتباك كبير في وتيرة العمل فيما ذهب إسماعيل زغمار- خبير في علم النفس - إلى حد اتهام الحكومة بأنها هي من جعلت الموظفين يتكاسلون خلال شهر رمضان باعتمادها سنويًا مواقيت خاصة بالعمل خلاله، حيث يقول:”إقدام الحكومة على تغيير مواقيت و مواعيد العمل في شهررمضان المبارك وتأخير بدء ساعات الدوام الرسمي ليكون من التاسعة صباحاً يشعر الموظفين - من الناحية النفسية - أن هناك شيئا غير عادي، وهو ما يجعله يتكاسل ويتمادى في تأخير وحتى تعطيل مصالح المواطنين في مختلف المؤسسات والإدارات، رغم أن الصحيح هو الإبقاء على مواقيت العمل كما هي خاصة مع تزامن شهر رمضان مع فصل الصيف”. ويُطالب محدثنا الحكومة الجزائرية بتوحيد ساعات العمل والتعامل مع الشهر الفضيل بشكل طبيعي حتى لا يساهم ذلك في انخفاض مؤشرات العمل لأن تأخير مواعيد العمل أصبح مرهقاً لجميع العاملين في مختلف القطاعات ويسبب ارتباك كبير في وتيرة العمل، وفي الانضباط المعتاد في مختلف مواعيد الأنشطة الحياتية المختلفة. فالمشكلة ليس في الشهر الفضيل، وإنما هي مشكلة سلوكية لدى الأفراد ينبغي تصحيحها إلى الأفضل، وذلك بأن شهر رمضان هو مثل بقية الشهور الأخرى، وأن هذا الشهر الكريم يحفز على أداء وإتقان العمل واستثمار أوقاته بكفاءة مما يؤثر على إنتاجية العمل. الكسل والنوم الطويل في نهار رمضان ليس من الإسلام وعن فضل العمل في شهر رمضان يقول الشيخ محمد بن سريحة، إمام مسجد الإيمان بعين مليلة، ل”الفجر”:”شهر رمضان هو من أفضل الشهور وأعظمها منزلة عند الله تعالى، وهو شهر الخيرات، يمحو الله سبحانه وتعالى فيه الخطايا، ويجزل فيه العطايا، ويضاعف فيه على عباده بالخير والرحمة والبركات، شهر أوّله رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النّار. وفيه يقول النبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم: ”لو يعلَم النّاس ما في رمضان من الخير لتمنّت أمّتي أن يكون رمضان السنة كلّها” . والعمل في أيام هذا الشهر الفضيل يساعد الصائم على تمضية الوقت وعدم الشعور بعناء ومشقة الصوم عكس الذين يمكثون في المنازل أو يرفضون العمل فيه بحجج و مبررات واهية و غير منطقية، كما أن النوم الطويل في نهار رمضان ليس من الإسلام لأن الله حثّ على العمل لأن العمل في حد ذاته عبادة. وفي جولة قصيرة ل ”الفجر” قادتها إلى بعض المؤسسات والإدارات الحكومية، جعلتنا نرى بأم عيننا كيف أن المكاتب تبدو خالية من أي حركة أو نشاط فيما البعض الآخر تحول إلى مراقد وغرف نوم، رغم أن الدوام الرمضاني قد راعى ظروف الجزائريين في هذا الشهر الفضيل وحدد بداية العمل من التاسعة صباحًا إلى غاية الرابعة مساءً، أي قبل أربع ساعات عن موعد الإفطار، و هي مدة كافية جدًا للعمال والموظفين للتسوق و أخذ أقساطًا من الراحة وحتى النوم قبل آذان المغرب. مصالح المواطنين و معاملاتهم لم تعد تعاني من تأخر الموظف لساعة أو ساعتين بل افتقدوها تمامًا في شهر رمضان، خاصة أن البعض يرى في رمضان مبررًا كافيًا للتخلف عن أداء المهام أو التقاعس عنها، وهناك من يقترح بكل جدية وليس من باب المزاح أو الهزل أن يكون الدوام من بعد الظهيرة إلى ما قبل أذان المغرب أو إلغاء العمل من أساسه وإعلان رمضان عطلة مدفوعة الأجر من الحكومة.