سجلت أسعار الذهب على الصعيد الوطني تراجعا لم تعرفه منذ العديد من الأشهر، عرفت خلالها أسعار المعدن النفيس مستويات قياسية فاقت 8000 دينار للغرام، بينما انخفضت خلال الأيام القليلة الماضية لتتراوح ما بين 4500 إلى 4800 دينار للغرام من الذهب على مستوى محلات المجوهرات. وكان قد أدى الارتفاع الكبير في أسعار الذهب مؤخرا إلى عزوف المواطنين عن اقتناء المجوهرات والاعتماد على الذهب غير الأصلي ”البلاكيور” أو اقتناء الذهب المستعمل ”الكاسي” لمناسبات الأفراح على اعتبار أنه يبقى أقل سعرا بالمقارنة مع المجوهرات التي تعرضها المحلات. وفي وقت يعتقد البعض أن التراجع المسجل في الأسعار ظرفي إذ يرتبط بحلول شهر رمضان المبارك، يرى غيرهم الأسعار المسجلة تعكس ما تفرزه البورصة العالمية لهذا المعدن النفيس، لاسيما وأن الجزائر تعتمد في التزود به بشكل يكاد يكون كليا على الاستيراد، حيث تشير البورصة العالمية في التعاملات إلى هذا التراجع وسط ترقب لاجتماع البنك المركزي الأمريكي لبحث السياسية النقدية خلال اليومين المقبلين. وبلغ متوسط سعر أوقية الذهب، 1387.65 دولار، بعدما سجلت مستوى 1387.55 للشراء و1386.75 دولار للبيع، بينما كان قد ارتفع 2 بالمائة في البورصة العالمية بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي، مسجلا مستوى 1388.16 دولار للأوقية، أما في الجزائر فإن الأرقام الاقتصادية تشير إلى أن متوسط أسعار الذهب الخام تتراوح ما بين 1374.92 دنيار للذهب من عيار 10 إلى 3299.14 بالنسبة لسعر الذهب من عيار 24 قراط، بينما بلغ سعر عيار 18 قراط 2474.47 دينار. بداية انقشاع الأزمة في أوروبا سبب تراجع أسعار الذهب أرجع خبير المالية والبنوك كمال رزيق عودة أسعار الذهب نحو الانخفاض إلى تراجع حدة الأزمة الاقتصادية في دول الاتحاد الأوروبي بالمقام الأول، على الرغم من الوضع العام لاقتصادات دول المنطقة التي لا تزال تتميز بالهشاشة، وأوضح أن أسعار هذا المعدن ترتبط بشكل وثيق بالمنظومة الاقتصادية الدولية، حيث أشار إلى أن الارتفاع المحسوس الذي شهدته الأسعار تزامن ببداية الأزمة المالية والاقتصادية العالمية سنة 2008. وبرّر المتحدث هذا الطرح بأن أنظار المتعاملين ورجال الأعمال توجه بسبب الأزمة إلى اقتناء الذهب باعتباره نقود احتياط، بدلا من الاستثمار أو شراء الأسهم، ما جعل الأسعار ترتفع على الصعيد العالمي وتنعكس، تبعا لذلك، على المستوى المحلي كون أن الجزائر لا تنتج إلا الشيء البسيط من احتياجاتها، حيث قال إن الأسعار بدأت تعود إلى وضعيتها الطبيعية، على الرغم من أنه لم يستبعد انتكاستها مرة آخرى وعودتها إلى التذبذب في حالة وجود أي هزات ارتدادية للاقتصاد العالمي. وأشار كمال رزيق بالمقابل من ذلك إلى دور سلوك المواطنين الجزائريين في الإسهام في ارتفاع الأسعار محليا، بالنظر إلى عادات العائلات الجزائرية في ادخار الذهب وغياب ثقافة المعاملات البنكية والصيّرفة والشيك لدى المواطنين. حلول رمضان واستمرار نقاط البيع الموازية وعلى الرغم من أن الناطق الرسمي باسم اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، حاج الطاهر بولنوار، اتجه إلى ذات السبب في تفسيره انخفاض الذهب، في إشارة إلى تراجع أسعاره في البورصة العالمية، إلا أنه أضاف بأن حلول شهر رمضان المبارك كان هو الآخر عمل مهم بالنظر إلى انخفاض الطلب عليه، بسبب انهماك المواطنين في تغطية النفقات التي يتطلبها التحضير للشهر الفضيل. وقال المتحدث، أيضا، أن تواصل نشاط نقاط البيع الموازية أو ما يعرف ب”الدلالة” ساهم كذلك في انخفاض الطلب على الذهب على مستوى محلات المجوهرات، على اعتبار ما يطلق عليه ب”الكاسي” أقل ثمنا من الذهب المطبوع.