أقرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أول أمس أن الجامعة الجزائرية تبقى بعيدة عن المستوى الذي وصلت إليه نظيراتها في الدول المتقدمة، مبينة أنه من ”غير المعقول” مقارنتها بهذه الجامعات بالنظر إلى توفر هذه الأخيرة على موارد بشرية أكبر بكثير، إلا أنها بينت أن معدل النمو الخاص بالمنشورات الخاصة بالبحوث العلمية الجامعية بلغ 32 بالمائة، متقدما في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا. وشدد مدير البحث العلمي بالوزارة، عبد الحفيظ أوراغ، خلال ندوة صحفية خصصت للحديث عن الترتيب العالمي للجامعات على أن هذه التصنيفات التي تضع الجامعات الجزائرية في آخر الترتيب ”لا تعكس بأي حال من الأحوال الواقع” بحيث ”من غير المعقول مقارنتها بنظيراتها في الدول المتقدمة التي تحوز على موارد بشرية أكبر بكثير”. وذكر أوراغ بأن الجامعة الجزائرية مرت بمراحل صعبة خلال العشرية السوداء نجم عنها تأخر كبير تعمل الوزارة الوصية على استدراكه منذ سنة 2000 من خلال برنامج عمل يمتد على المديين المتوسط والطويل، مضيفا أن هذه العملية ”ستأخذ الوقت اللازم”. وقدم المسؤول ذاته مقارنات مسهبة بين خصوصيات الجامعة الجزائرية وتلك التي احتلت المراتب الأولى في التصنيفات العالمية على غرار تصنيف ”شانغاي”، مشيرا إلى أن العدد الحالي للباحثين الدائمين في الجزائر يبلغ 27000 باحث 8300 منهم فقط حائزين على شهادة الدكتوراه ، علما أن منظمة اليونسكو تشترط هذه الشهادة لإضفاء صفة الباحث الدائم،و بالمقابل فإن عددهم بفرنسا يتجاوز 370.000 فيما يبلغ عددهم بالبرازيل 130 ألف باحث. ورغم هذه الهوة إلا أن أوراغ يرى أن ”مستقبل الجامعة الجزائرية يبدو زاهرا”، مستندا في ذلك إلى وجود 2800 طالب دكتوراه حاليا، فضلا عن 130 ألف أستاذ باحث حائز على شهادة الماجستير مما يعد خزانا لأكثر من 330.00 باحث محتمل بالمعايير العالمية، كما يعد معدل سن الباحثين الجزائريين الذي لا يتجاوز 45 سنة ”ورقة رابحة” بالنسبة لمنظومة البحث الوطنية على المدى المتوسط والبعيد. ونقلت وكالة الانباء الجزائرية عن المسؤول ذاته قوله أن ”التحدي الرئيسي الذي ترفعه الجزائر هو بلوغ 80 ألف باحث حائز على الدكتوراه مع آفاق 2020 (...) ولكم أن تحاسبونا بحلول هذه الآجال”، مشيرا إلى أن الجزائر تطمح في التاريخ المذكور إلى وضع ثلاث مؤسسات جامعية على الأقل ضمن المراتب ال500 الأولى. وفي السياق ذاته، تطرق أوراغ إلى الشق المتعلق بالمنشورات الخاصة بالبحوث العلمية الجامعية على المستوى الدولي، والذي يعد من بين المعايير المعتمدة في تصنيف ”شانغاي”، مشيرا إلى أن الجزائر عرفت نموا في هذا المجال قدر ب”32 بالمائة” خلال السنوات الخمس الأخيرة، مما يجعلها متقدمة بكثير على دول أخرى كالولاياتالمتحدةالأمريكية التي سجلت في الفترة نفسها نموا قدر ب6.14 بالمائة، و7 بالمائة بالنسبة لفرنسا و19.56 بالمائة لجنوب إفريقيا. وبين أوراغ أن التصنيفات العالمية توجد حاليا محل نقاش حتى من طرف أوروبا ومنظمة اليونسكو، بالنظر إلى العيوب التي تشوبها خاصة تركيزها على البحوث العلمية التي تنتجها الجامعات وتحكمها في التقنيات دون النظر إلى مجال التعليم العالي، فضلا عن تعاملها معها كوحدة مستقلة عن محيطها، في حين يتعين بدل ذلك - حسبه - تحليل إنتاج الجامعات من خلال تخصصات الامتياز التي تبرز فيها مضيفا بأنه لو تم الاعتماد على هذه المقاربة ”المنطقية”، فإن جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيات مثلا تتجاوز في تخصص الفيزياء العديد من الجامعات الإفريقية العريقة. واستدل أوراغ في هذا الشأن بتقرير ”طومسون روترز” ل2010 حول تخصصات الامتياز الثمانية في القارة الإفريقية الذي أكد بأن الجزائر تحوز على ثمانية ميادين امتياز تسمح بترتيبها ضمن الدول الخمس الأوائل في التصنيف الإفريقي، ويتعلق الأمر بالكيمياء والإعلام الآلي والهندسة وعلوم الأرض وعلوم المواد والرياضيات والفيزياء وعلوم الفضاء.