تضارب التقرير الأخير لمؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) مع الأرقام والإحصائيات التي تقدمها السلطات العمومية عن الوضعية الإجمالية للاقتصاد الوطني، حيث أشار إلى أن الاقتصاد الجزائري على الرغم من الإمكانيات التي يتوفر عليها في الجوانب المادية ومن حيث الثروات الطبيعية إلاّ أنه يبقى في مراتب متأخرة على الصعيد القاري من حيث الإجراءات والتسهيلات المتعلقة بالاستثمار. وكشف التقرير أن الجزائر تخلفت مقارنة مع المغرب مثلا، الذي ذكرت أنه البلد الأحسن في إفريقيا فيما يتعلق بتسهيل التجارة بعد جنوب إفريقيا، وذلك بفضل الإجراءات التي اتخذها وترمي إلى تسهيل المبادلات التجارية والمتمثلة أساسا في دعم التنقل الحر للبضائع خارج الحدود وإلى غاية وجهتها، في إشارة إلى أن التدابير المتخذة من طرف السلطات العمومية لتنظيم الاستثمار الأجنبي، بينما تنفي الإحصائيات الرسمية تراجع الاقتصاد أو الأنشطة الاستثمارية في الجزائر بهذا السبب. وفي حين أعاب تقرير مؤتمر الأممالمتحدة القوانين المنظمة لممارسة الأنشطة التجارية في الجزائر، مشيرا إلى القواعد الإجرائية وإصرار السلطات على الالتزام بتطبيق مبدأ 51/49 لصالح المؤسسات الوطنية، باعتباره القاعدة المرتبطة بالسيادة الوطنية على الاقتصاد، أفاد التقرير أن المغرب أصبح يملك أقوى اقتصاد في منطقة شمال إفريقيا وذلك منذ سنة 2012، من منطلق أنه أكد أن الاقتصاد المغربي أصبح جذاب للاستثمارات الخارجية، وبات أول الدول المستثمرة في ”التجمع الاقتصادي والنقدي لوسط إفريقيا”، والذي يضم دول بنين، كوت ديفوار، بوركينافاسو، السينغال، الطوغو، مالي، النيجر، غينيا بيساو. وعلى هذا الأساس، صنف التقرير الجزائر في مراتب متخلفة عن تلك التي تحصل عليها الاقتصاد المغربي كثاني أفضل دولة أفريقية من حيث تسهيل التجارة، و خامس أقوى اقتصاد في القارة الإفريقية بعد جنوب إفريقيا، وجزر موريس، وناميبيا وتونس في حين قال إن الاقتصاد في هذه الأخيرة تأثر بفعل الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد مما تسبب في تراجعه، بينما نوه أن التدابير المتخذة من طرف الحكومة الجزائرية منذ 2009 وجه أنظار المستثمرين الأجانب نحو المغرب الذي نجح حسبهم في اكتساب ثقتهم، بحيث استقطب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتبلغ نسبة الرساميل الدولية في المغرب لوحده 8 في المائة من مجمل الرساميل الأجنبية في القارة الإفريقية. وتجدر الإشارة إلى أنه من المنظر أن تراجع الحكومة العديد من الإجراءات المنظمة للاستثمار الأجنبي ونشاط المتعاملين الشركات الدولية في الجزائر، ضمن قانون المالية التكميلي للسنة الجارية أو قانون المالية لسنة 2014، من خلال تبني بعض التسهيلات والتنازلات التي تصنف في خانة حلول وسط تضمن تحسين صورة الجزائر كقبلة لجلب الاستثمار المنتج دون المساس بالسيادة الوطنية على الاقتصاد.