عادة بوغنجة.. عادة اجتماعية متجذرة في عمق التراث الجزائري يحييها سكان عدة مناطق بطرق مختلف بغرض استجداء المطر، حيث يقوم سكان القرية أو المنطقة بجمع الدقيق والسميد، وهي العادة التي تقوم بها فتيات القرية لا يتعدى سنهن 12 سنة ويطفن ببيوت القرية والأحياء حاملات ملعقة كبيرة ”الغراف” بعد أن يكن قد زيناه وألبسناه بزي عروس، وكل بيت يطرقنه يقدم لهن شيئا ما (دقيق، زيت، فلفل، طماطم) وهي المواد التي تستخدم في إعداد نوع من الحساء أو العيش ويعرض في ساحة القرية، حيث يأكل منه كل من يصادف طريقه هذا الطبق البسيط، ويتضرعون إلى الله كي ينعم عليهم بالغيث، حيث تجر الفتيات العروس بين الأزقة مرددات.. بوغنجة بوغنجة عروس المطر.. وينشدن أشعارا وأغان شعبية. جزء من هذه الأسطورة مرتبطة بتقليد قديم يقال إن الصوفيين كانون يحيونهيفسره الكثير من أجدادنا بصدق النية والتضرع لله سبحانه وتعالى، وأهمية إخلاص النية والثقة في الله لأن الكثير من أجدادنا وأبنائنا كانوا فعلا يقولون إن المطر فعلا كان ينهمر ليسقي طرقات وأزقة البلدات والقرى بعد هذا التضرع الله. لكن جزءا من هذا الطقس الذي ماتزال بعض المناطق تحييه إلى اليوم يتعلق بأسطورة قديمة يذكرها الجزائريون كلما أمطرت السماء بعد قحط شديد يطلق عليها الأمازيغ ”تيسليت بنأنزار”، أي عروس المطر. هذا الطقس الممارس منذ آلاف السنين يدخل ضمن الميثولوجيا البربرية، حيث تقول الأسطورة إن إله المطر أنزار أراد يوما أن يتزوج الفتاة الحسناء طاسيليا التي رفضته، فأمسك المطر عن البلدة حتى أوشك الناس على الهلاك عطشا، فما كان من طاسيليا إلا أن رضخت لرغبات الإله أنزار وتزوجت منه، فظهر في السماء ليلة عرسها قوس قزح ”حزام الغولة”، وهو العهد الذي أعطاه أنزار، للسكان وأطلق عنان السماء للمطر وعادت الحياة للبلدة. وقد حظيت هذه الميثولوجيا بدراسات واهتمام واسع من قبل الباحثين في التراث الاجتماعي لشمال إفريقيا والمناطق الأمازيغية، منهم الباحث والروائي الكبير مولود معمري، كما شغلت الميثولوجيا أيضا حيزا كبيرا من كتابات المبدعين من الكتاب والشعراء الذين استحضروها في إبداعاتهم.