تفكر الحكومة الفرنسية في وضع مشروع جديد لإدماج المهاجرين بفرنسا، واعتماد عدة تسهيلات لصالحهم عبر سلسلة من الاقتراحات قدمتها لجنة خبراء، أهمها سحب قرار منع ارتداء الخمار بالمدارس، اختيار لغة إفريقية أو شرقية بالمدارس إلى جانب الفرنسية، إطلاق تسميات مهاجرين على شوارع، مع وضع يوم وطني لهم، غير أن المعارضة ممثلة في أحزاب اليمين حولت التقرير إلى ملف انتخابي، معتمدة في ذلك على مبادئ الدستور اللائكي للجمهورية الفرنسية. تسلم الوزير الأول الفرنسي، مؤخرا، تقريرا مفصلا حول مشروع إدماج المهاجرين بفرنسا، أعدته مجموعة من الخبراء بعد سلسلة أبحاث وجهود، حيث يوصي التقرير بسلسة من التسهيلات لصالح المهاجرين وفي مقدمتهم العرب الذين تشكل الجالية الجزائرية ثم المغربية الأغلبية منهم، ومن بين أهم النقاط التي وردت في التقرير، اقتراحه سحب قانون منع ارتداء الخمار بالمدارس، مع إمكانية اختيار لغة إفريقية أو العربية في المدارس، لإعطاء البعد ”العربي والإفريقي والشرقي” حسب ما ورد في نص البيان، والمزج الذي يطبع المجتمع الفرنسي. ولا يتوقف التقرير الذي تم إعداده بتوصية من الوزير الأول الاشتراكي، جون مارك آيرو، عند هذا الحد، بل تعداه ليتناول التاريخ، حيث اقترح إعادة النظر في برامج تدريس التاريخ، فضلا عن إطلاق تسميات لمهاجرين تركوا بصماتهم في المجتمع الفرنسي على الشوارع، اعترافا بمساهمتهم. ومن بين النقاط الأخرى التي وردت في التقرير الذي أحدث ضجة في أوساط الطبقة السياسية الفرنسية، هو اقتراح تخصيص يوم وطني للمهاجر يتم الاحتفال به اعترافا بجهود المهاجرين ومساهماتهم العديدة في نهضة فرنسا. ودافع الحزب الاشتراكي عن التقرير وثمنه واعتبره ضروريا لتحقيق اندماج جيد وفي المستوى المطلوب من أجل وضع حد للمشاكل المتراكمة. واعتمد معدو الوثيقة على تقارير وشكاوى سلبية رفعتها جمعيات حقوقية تدافع عن المهاجرين والمسلمين بفرنسا، بعد تنامي أعمال العنف والعنصرية ضدهم، وفي مقدمتها التقرير الأخير الذي أعده المركز الفرنسي لمناهضة الإسلاموفوبيا، حيث أكد أن أعمال العنف ارتفعت بنسبة 11.3 بالمائة، من خلال الاعتداء على المحجبات والمساجد والمهاجرين بصفة عامة، وحمل التقرير أيضا الحزب الحاكم مسؤولية تصاعد الأعمال العنصرية ضد المهاجرين، حيث اتهمه بالتراجع عن الوعود الانتخابية التي قطعها خلال حملة هولاند في الرئاسيات الماضية. وعبر الاتحاد من أجل الحركة الشعبية، المحسوب على اليمين، عن رفضه لمحتوى التقرير، ودعا الوزير الأول لرميه في سلة المهملات، وحول الحزب الملف إلى مادة دسمة للانطلاق في حملة انتخابية للرئاسيات الفرنسية القادمة، معتمدا على عنصر اللائكية التي يتبناها الدستور الفرنسي، وعارض مراجعة تدريس مادة التاريخ. وتجدر الإشارة إلى أن لجنة الخبراء المكلفة بمشروع الإدماج الجديد، ستجتمع بداية شهر جانفي القادم، من أجل مواصلة العمل على التقرير، والنظر في مشاريع قوانين تصاغ لتطبيق أفكار تضمنتها الوثيقة، وهو ما سيجعل من تلك النصوص مادة انتخابية لهولاند في حال ترشح لولاية ثانية.