أجمع المشاركون في فعاليات الملتقى الدولي العاشر الذي خصص للحديث عن ”التصوف وطرق الإيمان”، إلى أنّ أسباب تراجع قيم التسامح في بلدان المغرب العربي والتي نتج عنها وجود أزمة ثقافية في هذه البلدان تعود لتراجع الصوفية، وقد دعا هؤلاء المشاركون في اللقاء الذي افتتح فعالياته بالعاصمة نهاية الأسبوع المنصرم، إلى أنّ ظهور الأزمة الثقافية والدينية التي تعرفها تلك البلدان سببها انتشار الإسلام المتشدد في المنطقة. وحمل هؤلاء الجامعيون والمختصون في التصوف، المستعمر الذي عمّر لسنوات طويلة في منطقة المغرب العربي مسؤولية طمس وغياب الهوية بين هذه الشعوب من جهة، والهيمنة الثقافية الشرق أوسطية وفي السعودية بوجه الخصوص التي أدت إلى التلاشي التدريجي لثقافة شعبية أصيلة غنية بالقيم الإنسانية، في هذا الصدد أكد الباحث بن عامر توفيق، من تونس، أن الفراغ الثقافي الذي تسبب فيه الاستعمار الذي كان يهدف إلى سلخ الشعوب العربية عن هويتها، قد سهل بعد الاستقلال ظهور شكل جديد من الاستعمار متمثلا في التيارات السلفية، واعتبر المتحدث في الصدد ذاته، أن تجار الدين هؤلاء، كما يسميهم، يسعون اليوم جاهدين إلى القضاء على تراث ثقافي بأكمله من خلال نشر الأفكار والقيم الرجعية. من جهته قدم الباحث الجامعي محمد طيبي، من الجزائر، نظرة عن واقع هذا المدّ في المجتمع الجزائري، ولكن نظرته كانت أكثر تفاؤلية من سابقه، حيث يرى أن الثقافة الروحية الصوفية التي تهيكل بشكل عميق الخيال الجماعي الجزائري، تعد عامل توازن في المجتمع الذي لا زال قادرا اليوم على التخفيف من الأثر السلبي للعقليات المتحجرة والعدائية التي يمثلها التطرف الديني، كما أوضح أن إيديولوجية التطرف التي تتبناها السلفية الدولية لا تنتشر إلا في المجتمعات التي تعاني الأزمات، سيما الثقافية منها من خلال ديناميكية الانشطار الداخلي والتقسيم التي يمكن لها أن تفشل تحدي حوار الحضارات التي ينادي بها العالم الإسلامي. هذا وقد قدمت الباحثة المغربية عائشة البوعزاوي، نظرة عن تراجع قيم الصوفية التي قالت بأنها بدأت من سنوات 1980 لمصلحة نظرة رجعية عن الإسلام، سببه خطابات منغلقة وغامضة للتيار الصوفي الإسلامي، مما أدى إلى تراجع تأثيره في المغرب العربي. يذكر أنّ هذا الملتقى الذي نظمته وزارة الثقافة بالتنسيق مع المركز الوطني للأبحاث التاريخية والأنثربولوجية وما قبل التاريخ، بإقامة جنان الميثاق بالعاصمة عرف مشاركة باحثين ورجال دين من 26 بلد.