قاطعت أمس 18 مؤسسة تربوية بولاية غرداية الدراسة استجابة لنداء المقاطعة، وكذا خوفا من تردٍّ محتمل للأوضاع بالولاية التي تعيش منذ أيام احتجاجات جعلت الجميع يعيش على وقع التخوف من تصعيد محتمل قد يمحو الهدوء الحذر لذي تعيشه عاصمة وادي ميزاب. وكشف المكلف بالإعلام على مستوى المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني ”كنابست” مسعود بوديبة أن المعلومات المتوفرة لدى نقابتهم تشير إلى مقاطعة 18 مؤسسة تربوية بمدينة غرداية أمس الدراسة، مشيرا إلى أن المقاطعة شملت ثانويتين والبقية انقسمت بين متوسطات ومدارس ابتدائية، وهذه الأخيرة بلغت نسبة المقاطعة فيها حتى نسبة 100 بالمائة. وأوضح بوديبة أن التلاميذ بغرداية لم يستأنفوا أمس الدراسة مثل أقرانهم بولايات الوطن، وباقي بلديات الولاية، رغم أن السلطات المعنية عملت على تأمين كل الطرق المؤدية إلى المؤسسات التربية، بهدف حمايتهم من أي تصعيد احتجاجي محتمل. وبين محدثنا أن مقاطعة التلاميذ للدراسة كان بسبب التخوف من أي انزلاق أمني، ما جعل أولياء التلاميذ يطلبون من أبنائهم عدم التوجه إلى المدارس، في حين رأى أن مقاطعة الأساتذة انقسمت بين متخوف من تردي الأوضاع وبين ملب لنداء المقاطعة. وفي السياق نفسه أكد بوديبة أن نقابته أمرت مناضليها بالعمل على دعوة الأطراف المتخاصمة إلى نبذ العنف والصلح، وإخماد بوادر الفتنة، مشيرا في السياق ذاته إلى أن الأساتذة مستعدون لتدارك أي دروس ضائعة، وتقديم الدعم اللازم للتلاميذ المتضررين من هذه المقاطعة. من جانبه، أشار رئيس المكتب الولائي للاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين ”إنباف” بغرداية، قدور بكوش، إلى أن المعلومات المتوفرة لديه تشير إلى مقاطعة متوسطة وابتدائيتين بوسط غرداية للدراسة، وذلك في انتظار تقرير المقاطعة التي ستقدمه مديرية التربية، موضحا أن سبب العزوف عن الدراسة أمس يعود إلى عدم سماح الأولياء لأبنائهم بالذهاب إلى المدارس تخوفا من أي احتكاك مع المتظاهرين وليس استجابة لنداء المقاطعة، والأمر ذاته ينطبق على الأساتذة الذي تحاشوا الذهاب تفاديا لأي انزلاقات. ومن جهته أكد مناضل حقوق الإنسان بالولاية، كمال الدين فخار، في تصريح للموقع الإخباري ”كل شيء عن الجزائر”، أن لا أحد يعلم متى ستتوقف المقاطعة، مشيرا إلى أنه من المستعدين للذهاب إلى سنة دراسية بيضاء، في حال ”استمرت حالة اللاأمن”، وأضاف في هذا الإطار أن لديه ثلاثة أطفال غابوا أمس بدورهم عن أقسامهم بسبب الوضع الذي تعرفه الولاية منذ أيام. وكانت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة سعاد بن جاب الله قد أعلنت أول أمس عن الشروع في عمليات للتكفل الاجتماعي بالمتضررين من الأحداث الأخيرة التي شهدتها ولاية غرداية، تتمثل أساسا في ترميم البنايات وتعويض أصحاب المحلات المتضررة. وقالت الوزيرة إنه ”تجسيدا لتعليمات الوزير الأول عبد المالك سلال، تم تسجيل عدة عمليات للتكفل بالمتضررين”، مشيرة إلى أنه ”سيتم التكفل بشكل استعجالي بالتلاميذ من خلال توفير الكتب والأدوات المدرسية والملابس لتمكينهم من مزاولة دراستهم في أحسن الظروف”. وأكدت بن جاب الله أن قطاعها ”سيساهم في بناء وترميم البنايات المتضررة وذلك بالتنسيق مع وزارة السكن والسلطات المحلية بالولاية”، مشيرة إلى ”إحصاء 96 بناية تعرضت للحرق”. وكان الوزير الأول عبد المالك سلال قد استقبل الخميس الماضي وفدا من مواطنين يمثلون المجموعتين الإباضية والمالكية لولاية غرداية من أجل وضع حد للتوترات التي شهدتها هذه الولاية في الأسابيع الأخيرة. وعقب اللقاء تم اتخاذ العديد من القرارات لتمكين عودة الأمور إلى مجراها الطبيعي بغرداية ولا سيما إنشاء مجلس حكماء على مستوى البلديات المعنية ليكون بمثابة ”فضاء للتحكيم والصلح” على أساس ”التعايش المنسجم والسلمي” العريق الذي كان يسود في هذه الولاية.