كثرت التساؤلات حول سبب الزيارة المرتقبة لكاتب الدولة للشؤون الخارجية الأمريكية، جون كيري، التي تصادف نهاية الحملة الانتخابية للرئاسيات، وفهمها البعض بأنها نية أمريكية لدعم الرئيس المرشح المريض، وأن أمريكا تكون غيرت موقفها من ترشحه. فقد سبق وأن ألغى كيري زيارته إلى الجزائر نهاية السنة الماضية حتى لا يعطي انطباعا بأن بلاده تساند بقاء رئيس مقعد غرق محيطه في أكبر قضايا الفساد، وأرسل بدله المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي. وقالت مصادر وقتها إنه حمل رسالة من أمريكا إلى بوتفليقة تحذره من خطورة ترشحه لعهدة رابعة، وذكرته بوعوده للقوى الكبرى في بداية الثورات العربية، إذ كان وعدهم بعدم ترشحه لعهدة رابعة وأنه سيسهر على تنظيم انتخابات رئاسية حقيقة سنة 2014 ويضمن انتقالا ديمقراطيا للسلطة. مهما كانت الأسباب الحقيقية لهذه الزيارة، وسواء كانت تندرج ضمن جولة مغاربية أو برمجت خصيصا لإعطاء نوع من الدعم للرئيس المرشح الذي يكون قدم لأمريكا ليس الضمانات فحسب، وإنما يكون دفع أيضا مقابلا سخيا لإدارة أوباما لقاء الدعم. فهذه الزيارة يجب أن تقابل بالرفض، لأنه كان على كيري أن يؤجلها مثلما ألغى من قبل زيارته السابقة، ومرفوضة أيضا حتى وإن كانت تندرج حقيقة في جولة مغاربية حتى في الظروف العادية، لأنه ككل مرة مثل من سبقوه على رأس الديبلوماسية الأمريكية، يذهبون أولا إلى المغرب يتعرفون أولا على مطالب الملك، ثم يأتون إلينا ليقدموها في صيغة شروط أمريكية، كيري هو الآخر، سيشرب ماء في الرباط، ليتبوله في الجزائر ومعذرة على العبارة، كل هذا راجع لانبطاح الدبلوماسية الجزائرية في هذه الظروف ولبقاء البلاد من غير قائد من سنوات بسبب غياب الرئيس المريض من جهة، ومن جهة أخرى بسبب تخطيط محيطه للبقاء في الحكم مهما كان الثمن ولو تطلب الأمر رهن المكانة الجزائرية وموقفها من القضايا الإقليمية ومنها القضية الصحراوية. فليس غريبا اليوم أن يكون الثمن المقدم لقاء موافقة أمريكا على عهدة رابعة وبقاء المافيا المالية في الحكم لقاء التنازل عن دعم الجزائر اللامشروط للقضية الصحراوية. لكل هذه الأسباب الظاهرة والخفية فزيارة كيري مرفوضة ويجب أن تقابل برفض شعبي، ويجب أن تصل الرسالة إلى أوباما قوية، وأن نحذو حذو المصريين الذين وقفوا بالمرصاد إلى أمريكا ولم تخفهم تهديداتها لهم بعد الإطاحة بمرسي في جويلية الماضي. لسنا في حاجة لإملاءات أمريكية تدعم حربا في سوريا باسم التغيير والديمقراطية، وتفرض علينا رئيسا مريضا مع أنها تعرف جيدا الأضرار التي لحقت بالبلاد من فساد في عهده، وتعرف أن البلاد تسير بالوكالة، وتعرف أن بوتفليقة لم يصل أبدا إلى الحكم بطريقة ديمقراطية، ومع ذلك دعمته سابقا. لكن الآن مهما كان موقفها منه، فعلينا نحن أن نقطع الطريق على مرشحها، فأمريكا لا يهمها إن بنينا دولا أو احترمنا حقوق الإنسان أو أنظمة ديمقراطية أم لا، وكل ما يهمها هو ما تنهبه من ثرواتنا وأن يكون حكامنا لعبة في يديها!؟