أعلن “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” الأرسيدي، تنظيم تجمع شعبي في تيزي وزو يوم 15 أفريل الجاري. لم أفهم الجدوى من هذا التجمع الذي سيأتي عشية الانتخابات الرئاسية وبعد نهاية الحملة الانتخابية، فهل المراد منه الدعوة إلى المقاطعة أم هناك مطلب آخر سيرفعه حزب سعيد سعدي؟ لكن الأكيد أن هذا الخيار سيضر كثيرا بالحزب ويؤكد من جديد على طابعه الجهوي. هذه التهمة التي عانى منها الأرسيدي طوال تاريخة النضالي، وقوضت قواعده رغم مطالبه الوطنية الواعية. كان على الأرسيدي أن يعقد تجمعه بالعاصمة، ويحاول إقناع الآخرين بالانضمام إلى مطالبه، لا أن يذهب إلى أهله وعشيرته، هؤلاء الذين سبق وكسبهم إلى صفه. هذا إذا كان لديه مطالب حقيقية تخدم المرحلة الراهنة. أم أن الأرسيدي سيحتفل مثل كل مرة بالربيع الأمازيغي على طريقته في تيزي وزو؟ فإن كان هذا ما يريده حزب محسن بلعباس، فإن المرحلة ليست لا للربيع الأمازيغي ولا للربيع العربي، الذي يريد مساندو العهدة الرابعة إدخال البلاد في جحيمه. الظرف الآن هو لربيع جزائري للخروج من المأزق الذي وضعتنا فيه السلطة الآن، وللتخلص من مخالب مافيا عمار غول وسعداني والشقيق، التي تريد إضرام النار في البلاد إن لم تفرض منطقها السلطوي برجل مريض مقعد غائب عن الوعي والساحة، موهمة الجزائريين أنه هو الحل وصمام الأمان. كنت أتمنى من الأرسيدي موقفا أكثر وطنية، لكنه لا يريد الخروج من الحيز الضيق، الحيز الجهوي الذي سجنته فيه السلطة، وكأنه بهذا يدعم فكرة أن الصراع القائم في الجزائر، لم يعد صراع غرب وشرق مثلما كانت النظرة السائدة وإنما هو صراع تلمسان - تيزي وزو. فمنذ مجيء بوتفليقة إلى السلطة استهدف أول من استهدف القبائل، باتهامهم بتركيز المال بين أيديهم، ومن هنا بدأ مخطط النهب والفساد، الذي نشط في عهد بوتفليقة نكاية بالقبائل المتهمين بالاستحواذ على السلطة الحقيقية بين أيديهم، السلطة الاقتصادية. إن كان التجمع الذي دعا إليه الأرسيدي يدخل في إطار العمل لقطع الطريق على بوتفليقة لعهدة رابعة، فهذا مطلب لا يخص منطقة القبائل وحدها، وإن كان يراد منه مطلب ترقية الأمازيغية والهوية الثقافية، فهذا الأمر أيضا لا يعني تيزي وزو وحدها، وإنما هو مطلب وطني تشترك فيه جميع الجهات، ويعني كل الجزائريين، والدليل أنه منذ أيام لما أهان مدير حملة بوتفليقة “الشاوية” تحركت كل جهات الوطن رافضة الإهانة واعتبرتها شتيمة لكل الشعب الجزائري، فالهوية الأمازيغية هي هوية يشترك فيها الجميع، مثلما يشترك الجميع في مطلب التحول الديمقراطي والمطالب الأخرى. والأرسيدي لما يتوجه بخطابه إلى منطقة القبائل إنما يكرس نية التقسيم التي يلعب البعض على وترها، ويعطي خصومه سلاحا لضربه، والوقت ليس لإضعاف التيار الوطني والديمقراطي، بل الوقت لتحالفه مع كل الأحزاب التي تشاركه مطلبه، والوقت للانفتاح على كل مناطق البلاد والتجذر فيها، فتيزي وزو وحدها ليست الجزائر، مثلما ليست تلمسان وحدها من تفرض حكمها على البلاد!؟ البلاد في حاجة إلى نظرة وطنية شاملة بعيدا عن منطق الجهوية وحكم الدشرة والقبيلة الذي سقطت فيه الجزائر في السنوات الأخيرة. والأرسيدي إن فعلها فإنما يكون قد سار على نفس الطريق؟!