أثار النقاش السياسي المروج بين أحزاب المعارضة وحتى الموالاة حول ”دستور توافقي” يرسم الدخول إلى المرحلة المقبلة، جدلا واسعا في بعض أجزائه ومواده القانونية بالنظر لتوفر جملة من المعطيات السابقة، بعد مرض الرئيس، تستوجب إعادة النظر في شكل النظام السياسي الجزائري الذي تهيمن عليه سلطة الرئيس في صناعة القرارات، فالدولة تصاب بالشلل في حال حدث له طارئ صحي، بينما تسقط اعتبارات أخرى منها ”شكلية” الهيئة التشريعية ما يجعل التوجه نحو نظام برلماني لا يخدم المرحلة. تصف فتيحة بن عبو، المختصة في القانون الدستوري في تصريح ل”الفجر”، النظام السياسي الجزائري ب”النظام الرئاسوي” لأن المؤسسات كلها تحت سلطة رئيس الجمهورية، ورفضت فكرة ”خياطة دستور يتوافق مع حالة الرئيس الصحية”، وقالت إنه ”حتى لو لم يكن الرئيس مريضا فإن السلطة يجب أن توزع داخل هرم الدولة، وفي حال لم تقسم تبقى الدولة هشة في النظام الرئاسي”، مستدلة بمرض الرئيس بوتفليقة خلال الأشهر الماضية حين أصيبت جل المؤسسات بالشلل كتأجيل التوقيع على قانون المالية، مضيفة أن البرلمان والمجلس الدستوري تعرضا إلى أزمة مؤسساتية أيضا. وتعتبر الفقيهة في القانون الدستوري أن نائب الرئيس ليس إشكالا، و”لن تكون له مشروعية في تعيينه، حيث لن يتمكن من اتخاذ القرارات الحاسمة، لكن توجد تقنيات دستورية للتمكين من توزيع السلطة”. وتابعت بأن منصب نائب الرئيس يجب أن يتم بالانتخاب وليس بالتعيين، ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية ينتخب ما تجعله الشرعية الشعبية قويا. تيار المعارضة من جانبه يرفض أن يخضع الدستور للرئيس، حيث أوضح عبد المجيد مناصرة، رئيس حركة التغيير ل”الفجر”، أن المرحلة صعبة من جميع النواحي وتحتاج إلى أن يكون هناك توافق بين المعارضة بجميع توجهاتها والسلطة، لإخراج البلاد من هذا الوضع، داعيا إلى حوار شامل يتفق على دستور توافقي يخضع لاستفتاء الشعب. وبالنسبة للنظام السياسي، أشار المتحدث إلى أن هذا هو المهم في موضوع التعديل القادم، وأبرز أنه ”يجب الاتفاق على شكله السياسي، شرط أن تكون السلطات مستقلة سواء القضائية أو التشريعية والتنفيذية”، بمعنى أن الرئيس لا يشرع، والمجلس الدستوري يتم تعيين رئيسه بالانتخاب وليس عن طريق التعيين. وواصل مناصرة بأن الرئيس هو الذي يجب أن يخضع للدستور القادم وليس العكس، وتساءل: ”فماذا لو جاء رئيس آخر، هل نعيد تعديل الدستور مرة أخرى؟”، مشيرا إلى أنه في النظام الجزائري السلطة توزع بين الرئاسة والحكومة فقط. ولا تختلف نظرة أحزاب الموالاة عن المعارضة في جزئية استقلالية السلطة، وأكد مصدر قيادي في حزب ”تاج”، أن موضوع تعديل الدستور مهم لتعزيز دولة القانون والحقوق الفردية والجماعية، وحتى تكون هناك دسترة لحقوق المعارضة والفصل بينها، مضيفا أن أحزاب الموالاة تشدد على أن يكون الدستور أكثر استقلالية مع عدم هيمنة سلطة على أخرى مهما كان النظام، برلمانيا أو رئاسيا. وواصل بأنه ”نشدد على أن يكون في المرحلة المقبلة دستور توافقي في إطار استدراك كل الفراغات من حيث الممارسة السياسية التي طبعت المرحلة السابقة”.