أزيد من 200 تلميذة نيجيرية ما زلن بين أيدي جماعة بوكو حرام. هذا التنظيم السلفي الذي نخر جسد العالم العربي والإسلامي، والذي نسف كل أمل في بناء مجتمعات حرة ودول متفتحة على الديمقراطية وحقوق الإنسان. تلميذات في سن بناتنا يواجهن الموت والسبي، ويبعن في أسواق النخاسة، أمام مرأى ومسمع العالم، ولا أحد حرك ساكنا لتحريرهن من مصير العبودية، إن لم يكن الموت؟! صحيح أن ميشال أوباما نشرت صورة لها على التويتر تقول “أعيدوا لنا بناتنا”، وتحركت بعض المنظمات الإنسانية منتقدة هذه العملية اللاإنسانية، هناك في أمريكا، لكن هنا في إفريقيا لم نقرأ ولا بيان يدينها، ويطالب بتحرير الفتيات اللواتي ذهبن ضحية الجنون الذي يضرب إفريقيا والعالم الإسلامي! أين الاتحاد الإفريقي مما يجري في القارة السمراء، التي تعود كل يوم إلى عصر الجاهلية، بعد كل ما تعانيه من تخلف وفقر ومرض وجهل؟ حتى في الجزائر التي نتفاخر بأننا بوابة إفريقيا وأننا أحد أعمدة الاتحاد، وكان رئيسنا يتزعم النيباد باسم التنمية في إفريقيا، لم يصدر أي بيان لا من الخارجية ولا من الوزارة المنتدبة المكلفة بالشؤون الإفريقية يدين هذا الاعتداء؟ لا تهم بيانات الإدانة لأنها لن تحرر تلك المسكينات، ولكن أليس من واجب البلدان الإفريقية التي تدعي القوة والمكانة الدولية أن تتحرك دبلوماسيا لوقف هذه الجريمة في حق فتيات خرجن طلبا للعلم؟! أكثر من عملية الاختطاف والسبي التي تعرضت لها ال270 فتاة في نيجيريا، أن هذه العملية ستضرب حركة تعليم الفتيات في العمق، وستحال الآلاف منهن على الجهل والتخلف، لأن الأولياء سيمنعن بناتهن من الخروج طلبا للعلم خوفا على حياتهن، مثلما حدث ذلك في الجزائر سنوات الأزمة الأمنية عندما منعت الفتيات من الدراسة بعدما استهدفتهن آلة الإرهاب، وكانت تذبح التلميذات والأساتذة أمام أبواب المدارس والثانويات، فكانت النتيجة التي لم يتم إحصاؤها حتى الآن ضمن مخلفات الأزمة الأمنية، أن الآلاف من الفتيات في القرى والمدن الداخلية وعلى بعد بضعة كيلومترات من العاصمة، نشأن أميات، ومنهن كثيرات لم يدخلن يوما إلى المدرسة خوفا من الاختطاف والاغتصاب أو القتل. لا مستقبل لإفريقيا أمام ما يستهدفها ويستهدف نساءها من قبل هذه الجماعات الظلامية، وليس لحركات التنمية ولا برامج النيباد، أو السياسات الأخرى مهما كانت صادقة أن تخرج إفريقيا مما تعانيه من تخلف وجهل، إذا كانت المرأة فيها ستبقى سجينة الجهل وممنوعة من المشاركة في بناء مجتمعاتها وبلدانها، لأن لبوكو حرام وأخواتها مشروعا آخر غير المشروع التنويري والإنساني. لن ننخدع بحزن ميشال أوباما على الفتيات المختطفات، فلا أحد يجهل يد أمريكا والإمبريالية الغربية في الوضع الراهن التي تعيشه إفريقيا والعالم الإسلامي!؟